ثنا عبيدالله بن سعيد ثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح بن كيسان عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار ما لها لا يدخلها إلا المتجبرون فقال للجنة أنت رحمتي وقال للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها قال فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدا وإنه ينشيء للنار من يشاء فيلقون فيها فتقول هل من مزيد ويلقون فيها وتقول هل من مزيد ثلاثا حتى يضع قدمه فيها فتمتليء ويزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط.
فهذا غير محفوظ وهو مما انقلب لفظه على بعض الرواة قطعا كما انقلب على بعضهم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فجعلوه إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال وله نظائر من الأحاديث المقلوبة من المتن
وحديث الأعرج عن أبي هريرة هذا لم يحفظ كما ينبغي وسياقه يدل على أن راويه لم يقم متنه بخلاف حديث همام عن أبي هريرة".اهـ أحكام أهل الذمة 2/ 1104 - 1108.
وقال رحمه الله في طريق الهجرتين 1/ 577 بعد أن ذكر الحديث:"فهذا غير محفوظ وهو مما انقلب لفظه على بعض الرواة قطعا"اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث (7449) في البخاري:" وَقَدْ قَالَ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة: إِنَّ هَذَا الْمَوْضِع مَقْلُوب , وَجَزَمَ اِبْن الْقَيِّم بِأَنَّهُ غَلَط وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ بِأَنَّ جَهَنَّم تَمْتَلِئ مِنْ إِبْلِيس وَأَتْبَاعه وَكَذَا أَنْكَرَ الرِّوَايَة شَيْخنَا الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَظْلِم رَبُّك أَحَدًا) ثُمَّ قَالَ وَحَمْله عَلَى أَحْجَار تُلْقَى فِي النَّار أَقْرَب مِنْ حَمْله عَلَى ذِي رُوح يُعَذَّب بِغَيْرِ ذَنْب اِنْتَهَى".
وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري::" قوله: (وأما النار فينشئ لها خلقًا): فهذا وهم وانقلاب من بعض الرواة، عند المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم؛ لأن الله -تعالى- من كمال عدله لا يعذب أحدًا من غير ذنب. والصواب: (فأما الجنة فينشئ الله لها خلقًا ... ).
وهذا مما ينتقد على الصحيحين. ومثله الحديث الذي رواه مسلم، رحمه الله , حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله - فانقلب على بعض الرواة، والصواب , حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه - والشاهد من الحديث قول النبي r في الجنة: (أنت رحمتي أرحم بك من أشاء).
فقوله: (أنت رحمتي) أي: الرحمة المخلوقة، وهي أثر من آثار رحمة الله U التي هي صفة من صفاته.
فائدة:
قول بعض الشراح (لا محذور في تعذيب الله من لا ذنب له، إذ القاعدة القائلة بالحسن والقبح العقليين باطلة ... ) إلخ.
قلت: هذا الكلام ليس بصحيح، إنما يتمشى هذا الكلام مع مذهب الجبرية والأشاعرة، فقوله (لا محذور في تعذيب الله .. ) على مسألة الحسن والقبح، هذا على مذهب الأشاعرة الذين يقولون: (إنه يجوز لله أن يعذب أحدًا بغير جرم، ولا يكون هذا ظلمًا؛ لأن الله -تعالى- يتصرف في خلقه كيف يشاء، إنما الظلم هو تصرف المالك بغير ملكه). هذا الكلام باطل كما ذكرت، فالصواب أن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه. " اهـ
وانظر- غير مأمور- شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري لشيخنا الغنيمان حفظه الله 2/ 194 - 195.
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[07 - 02 - 05, 04:38 ص]ـ
وضعت التعليق قبل أن أرى الرابط الذي وضعه شيخنا هيثم وفقه الله. وإن شاء الله يكون فيه زيادة فائدة.
ـ[أبو عبدالرحمن المقدسي]ــــــــ[07 - 02 - 05, 11:27 ص]ـ
بارك الله فيكما على هذه المعلومات القيمة وعلى ردودكم السريعة والشافية