والطريق الثالث؛ فيه عبد الله بن أبي بلال الخزاعي، وهو مجهول أيضًا، تفرد بالرواية عنه خالد بن معدان، ولذا أورده الذهبي في ((الميزان)).
ورابعهم أضعفهم، فهو من رواية يحيى بن أبي المطاع، عن العرباض، ويحيى لم يسمع من العرباض شيئًا، والعجيب أنه يأتي في بعض روايته: سمعت العرباض، وهذه إن وقعت منه كانت كذبًا، وإن كانت من الرواة عنه، كانت كذلك، وتدليسًا.
قال أبو زرعة الرازي لدُحيم، تعجبًا من حديث الوليد بن سليمان، قال صحبتُ يحيى بن أبي المطاع: كيف يُحدث عبد الله بن العلاء بن زبر، عنه، أي عن يحيى بن أبي المطاع، أنه سمع العرباض، مع قُرب عهد يحيى؟! قال: أنا مِنْ أنكر الناس لهذا، والعرباض قديم الموت. قال ابنُ حَجَر: قلت: وزعم ابن القطان أنه لا يُعرف حاله. ((تهذيب التهذيب))، ترجمة يحيى بن أبي المطاع.
قال الذهبي: يحيى بن أبي المطاع، عن العرباض، ومعاوية، قال دُحيم: ثقةٌ معروفٌ، و قد استبعد دُحيم لُقيه للعرباض، فلعله أرسل عنه، فهذا في الشاميين كثير الوقوع، يروون عمن لم يلحقوهم. ((ميزان الاعتدال)) (9643).
قلنا: وفي إسناده أيضًا الوليد بن مسلم، والذي يدلس تدليس التسوية.
فلم يرد هذا الحديث من طريق صحيح ثابت لا مطعن فيه، وإنما جاء من طرق يوهن بعضُها بعضًا.
والحديث الصحيح، عند من أراد وجه الله، هو الذي يأتي أولا، وآخرا، بشرط الله تعالى، الذي وضعه للقبول، وهو: ?وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ?.
أَمَّا أن يأتي البعضُ، بطرق، فيها الميتةُ، والدمُ، ولحمُ الخنزير، وما أُهل لغير الله به، والمنخنقةُ، والموقوذةُ، والمترديةُ، والنطيحةُ، ويقولون: إن الحديث صحيح بمجموع طرقه، أي طرق؟
تأتوننا بالضعيف، وآخر في إسناده مجهولٌ، وثالثٌ في إسناده مَنْ لا يُحتج به، ورابعٌ في إسناده سيءُ الحفظ، أو سيءُ الحظ، وعاشرٌ في إسناده مدلسٌ لم يُصرح بسماعٍ، ثم تقولون: هذا الحديث، بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن، أو الصحيح.
أين هذا الحديث؟ ياقوم،
إن الحديثَ هو قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، الذي فيه الحلالُ والحرامُ، والإيمانُ والكفرُ، والجنةُ والنارُ.
والحديث ينقسم إلى قسمين اثنين، ولا ثالث لهما، إلا في عقولٍ أصابها العمى.
ـ إما أن يكون حديثا قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم من طريقٍ صحيحٍ ثابتٍ، بنقل الثقة، المسلم، الأمين، الضابط، عن مثله، حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويُعرض على كتب علل الحديث.
وإمَّا أن يكون شيئًا آخرَ، لا يُحتج به، ولا يُنسب إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
كلامٌ قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم، أو كلامٌ لم يقله.
لا توجد قسمةٌ ثالثة.
ـ[الحاج عادل]ــــــــ[23 - 03 - 05, 02:20 ص]ـ
عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ:
((صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي، فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.)).
ويأخذون من هذا الحديث شيئا واحدا، يظنون، إثمًا، أنه يُثبت اتباعًا للخلفاء المهديين، وأن لهم سنة غير سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يبحث عنه دائما دعاة الشرك، الذين رفضوا إلا أن يتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله.
¥