الشيخان الكريمان ..
السلام عليكما ورحمة الله وبركاته ..
وأعتذر أشد الاعتذار على تطفلي في مثل هذه المواضيع التي ليس يحسنها إلا أمثالكما ..
ولكن أود أن أعطي إشارات فقط لعلها تفيد في هذا النقاش ..
الأولى:
قال الشيخ عبد الرحمن - رعاه الله -: «وقد تكون رواية سلمة عن ذر محفوظة لأنه قد رواها عنه الأعمش وشعبة ... ففي العلل لابن أبي حاتم: وسألت ابا زرعة عن حديث رواه شعبة والأعمش عن سلمة بن كهيل عن ذر ... ».
وبالنسبة لرواية الأعمش هنا، قال المعلق الشيخ محمد الدباسي: (هكذا في جميع النسخ، رواية الأعمش معطوفة على رواية شعبة، وقد رواه جمعٌ عن الأعمش، منهم: وكيع وجرير وأبو يحيى التميمي، رووه كلهم عن الأعمش عن سلمة عن ابن عبد الرحمن به - من دون ذكر ذر -، ورواه حفص ابن غياث عن الأعمش عن سلمة عن ابن أبزي عن عمار به ... ) [انظر: علل ابن أبي حاتم: 1/ 197].
فهذا يفيد أن لَبْسَاً ما وقع في كلمة (والأعمش).
لكنه فعلاً .. جاءت صحيحةً روايةُ شعبة عن سلمة، إذ رواها أحمد في مسنده [4/ 265] عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة عن سلمة به.
فثبت أن أحمد رواه عن غندر عن شعبة عن سلمة، وعن غندر عن شعبة عن الحكم. فأنا أُنَبِّهُ إلى أن ما ذكرتُهُ أولاً ليس بمستقيمٍ، من أن روايةَ أحمد عن غندر عن شعبة عن الحكم تُقَدَّمُ على رواية بندار عن غندر عن شعبة عن سلمة. وأستغفر الله.
لكن يُشَارُ إلى أن جمعاً كبيراً من أصحاب شعبة - عَدَّهم الشيخ أبو محمدٍ جزاه الله خيراً - رووه عن شعبة عن الحكم، فالله أعلم بالصواب.
الثانية:
في موضوع أبي مالك الغفاري، فإن ظاهر كلام الشيخ عبد الرحمن أن فيه جهالة، لكن في تهذيب التهذيب لأبي الفضل ابن حجر: (قال ابن أبي خيثمة: سألت ابن معين عن أبي مالك الذي روى عنه حصين، فقال: «هو الغفاري، كوفي ثقة، واسمه غزوان» ... قلت - والكلام لابن
حجر -: وقال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: لا يسمى، كذا قال، وقد سماه غيره ... ) ا. ه من كلام ابن حجر. فأبو مالك وثقه ابن معين، فلعلها ارتفعت عنه الجهالة.
وجزاكم الله خيراً على احتمالي.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 02 - 05, 06:35 م]ـ
جزاكم الله خيرا مشايخنا الكرام على ما أفدتم به، وأسال الله أن يبارك فيكم ويحفظكم.
وجزى الله شيخنا الكريم أبا محمد الألفي خيرا على بيانه وتوضيحه لرواية شعبة عن الحكم.
حول ما ذكره الشيخ محمد بن عبدالله عن رواية شعبة عن ذر
فمما يرجح أن رواية شعبة عن سلمة عن ذر صحيحة أيضا ترجيح أبي لها على رواية سفيان عن سلمة، فهذا يدل على أنها عنده صحيحة.
وأما ترجمة أبي مالك فقد أفتدتنا بها حفظك الله.
ولعل الله أن ييسر إضافة بعض الفوائد كذلك فيما بعد بإذن الله تعالى.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[21 - 02 - 05, 08:11 م]ـ
رواية شعبة لهذا الحديث ((عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ)) وللحديث من هذا الوجه فى ((علل الحديث)) لابن أبى حاتم موضعان وسؤالان وحكمان:
[الموضع الأول] (1/ 11/2): ((سألت أبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَالأَعْمَشُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ وَلَمْ أَجِدْ مَاءً، فَذَكَرَ عَمَّارٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّيَمُّمِ. ورَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ. قَالَ أبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُ شُعْبَةُ أَشْبَهُ. قُلْتُ لأبى زُرْعَةَ: مَا اِسْمُ أَبِى مَالِكٍ؟، قَالَ: لا يُسَمَّى، وهو الْغِفَارِىُّ)).
والسؤال لأبى زرعة، والحكم: ترجيح رواية شُعْبَةَ.
[الموضع الثانى] (1/ 23/34): ((سألت أبي عن اختلاف حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي التَّيَمُّمِ وما الصحيح منها؟، فقال: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِىِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عَمَّارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّيَمُّمِ. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه شعبة عَنْ سَلَمَةَ عَنْ ذَرٍّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه حَصِينٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قال سمعت عَمَّارَاً يذكر التَّيَمُّمَ موقوف. قال أبي: الثَّوْرِيُّ أحفظ من شُعْبَةَ)).
والسؤال لأبى حاتم الرازى، والحكم: ترجيح رواية الثَّوْرِيِّ.
والراجح حديث شعبة من كلا الوجهين:
[1] ((عَنْ الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ))، وسبق بيان شهرتها واستفاضتها.
[2] ((عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ))، ويأتى بيان ترجيحها.