تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تنبيه دقيق حول حديث: (الدنيا دار من لا دار له ... ).]

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[24 - 02 - 05, 11:42 ص]ـ

قال الشيخ طارق عوض الله في كتابه النافع ((الإرشادات)) ص 155 تحت عنوان (المتابعة .. وظن الرجل رجلين):

مثال آخر:

حديث: الحسين بن محمد، عن دُوَيد، عن أبي إسحاق، عن زرعة، عن عائشة ـ مرفوعاً ـ: " الدنيا دار من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له ".

أخرجه: أحمد في " المسند " (6/ 71)، وأيضاً؛ الخلال في " علله " من طريق حنبل، عن أحمد، عن الحسين، به.

ونقل عن أحمد، أنه قال:

" هذا حديث منكر "

فهذا الحديث؛ هكذا رواه الإمام أحمد، وسمى فيه شيخ الحسين: " دُوَيْداً ".

وقد رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (182)، عنه البيهقي في " الشعب " (10638) من طريق أخرى، عن الحسين بن محمد أيضاً، عن أبي سليمان النصيبي، عن أبي إسحاق، به.

فلم يسم شيخه في هذا الرواية، بل كناه بـ " أبي سليمان النصيبي ".

وقد ذهب بعض أفاضل العصر إلى أن " دُوَيداً " هو " دويد بن نافع " المترجم في " التهذيب، وأن " أبا سليمان النصيبي " هذا غيره، فهو متابع له، وعليه؛ أثبت الحديث عن أبي إسحاق السبيعي؛ لمتابعة كل منهما للآخر ـ في ظنه ـ ثم أعله بعد ذلك بعنعنة أبي إسحاق واختلاطه.

ولسنا نوافق ذلك الفاضل على شيء مما ذهب إليه في ذلك كله؛ فليس " دُويد " هذا هو " ابن نافع "، ولا " النصيبي " متابعاً له، بل هو " دويد " نفسه، ذُكر مرة باسمه، ومرة بكنيته ونسبه.

وعليه؛ فهو متفرد به عن أبي إسحاق، لم يتابعه أحد، فلا يصح الحديث عن أبي إسحاق؛ لأن " دويداً " هذا مجهول وقد تفرد به عن أبي إسحاق في جلالة قدره وكثرة أصحابه، وهذا معنى إنكار الإمام أحمد ـ عليه رحمة الله تعالى.

وقد ذكر الدارقطني في " المؤتلف " (2/ 1008 - 1009): " دويد بن نافع وقال: " يروي عن الزهري وضبارة بن عبد الله بن أبي السليك، روى عنه بقية بن الوليد ".

ثم ذكر بعده: " دويد، لم يُنْسب، يروي عن أبي إسحاق، عن زرعة، عن عائشة: الدنيا دارة ما لا دار له، ولها يجمع ما لا عقل له ".

وقال: " وله أحاديث نحو هذا في الزهد ".

فصنيع الدارقطني؛ يدل على أن " دويداً " صاحبنا، ليس هو " دويد بن نافع "، بل هو آخر غير منسوب، وهو لا يعرف.

ويدل عليه؛ أنهم لم يذكروا في ترجمة " ابن نافع " له رواية عن أبي إسحاق، ولا للحسين رواية عنه.

وذكر ابن ماكولا:

" دُويد بن سليمان ... روى عنه حسين بن محمد المروزي ".

وهذا؛ يفيد أن " دويداً " الذي يروي عنه الحسين بن محمد، ليس بابن نافع، وإنما هو " ابن سليمان ".

فالذي يترجح، أن " دويداً " صاحب هذا الحديث، هو نفسه " أبو سليمان النصيبي "؛ فالحسين يروي الحديث عنهما جميعاً، والحديث واحد، وشيخهما واحد، والراوي يُذكر مرة باسمه، ومرة بكنيته.

ثم وجدت الحافظ ابن حجر قال:

" دويد؛ هو داود بن سليمان النصيبي ".

وهذا يؤكد ما حققته، وهو يدل على أن " دويداً " لقب، وأن اسمه: " داود بن سليمان ".

وبالله التوفيق.

**********************************

ما أود التنبيه عليه هنا هو أن الشيخ طارق عوض الله ـ حفظه الله ـ قد سُبق إلى هذا التنبيه الدقيق، سبقه إلى ذلك الشيخ الناقد محمد عمرو بن عبد اللطيف، فقد ذكر الحديث في كتابه ((تكميل النفع)) ص 76 ـ 81، وكان قد نقل كلاما للشيخ ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ مسلماً ومتعقباً، قال الشيخ محمد عمرو حفظه الله:

الثالث: قوله: ((وقد تابعه أبو سليمان النصيبي عند ابن أبي الدنيا ... )).

قلت: قال ابن أبي الدنيا في ((ذم الدنيا)) (182ط. دار القرآن): ((حدثني محمد بن العباس بن محمد نا أبو سليمان النصيبي عن أبي إسحاق عن زرعة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له)). وعنه رواه البيهقي في ((الشعب)) 3/ 3/81ب –82أ).

ولم يبين لنا الشيخ حفظه الله من أبو سليمان النصيبي هذا، وكدت آيس منه حتى وجدت – قدراً – أثناء تقليب المجلد الثالث من ((الجرح والتعديل)) (3/ 427): ((داود بن هلال النصيبي أبو سليمان روى عن المسعودي ومالك ابن مغول وبكر بن خنيس وأسد بن عمرو. روى عنه زهير بن عباد الرؤاسي)). ولم يكذر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فوقع في قلبي أنه هو هو دويد المذكور – فيكون اسمه مصغراً رواه حسين المروذي مرة فكناه ونسبه، فحفظه عنه محمد ابن العباس – شيخ ابن أبي الدنيا – ورواه مرة أخرى فصغره ولم ينسبه أو يكنيه. أما دويد بن سليمان الذي أفرده ابن ماكولا، يحتمل أن يكون هو هو أيضاً – بقرينة أنه ذكر رواية المروذي وحده عنه – فيكون ابن ماكولا سمى أباه: ((سليمان)) خلافاً لابن أبي حات، أو الصواب: ((داود أبو سليمان)). وهذا الأخير مجرد احتمال، والعلم عند الله تعالى.

ثم قال ـ حفظه الله ـ:

استدراك:

ثم وجدت الحافظ رحمه الله يقول في ((نزهة الألباب)) (1077): ((دويد: هو داود ابن سليمان النصيبي)). فصح – ولله الحمد – ما احتملته، مع استبعاد أن يكون هو هو داودبن هلال النصيبي ... .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير