[حكم تدليس الأعمش رحمه الله]
ـ[محمد أمجد البيطار]ــــــــ[16 - 03 - 05, 03:19 م]ـ
[حكم تدليس الأعمش رحمه الله]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يعتبر تحرير مسألة تدليس الأعمش، من أهم المسائل التي يجب على طلبة العلم البحث والتحقيق في حالها، وذلك نظراً لشهرة هذا الإمام وكثرة مروياته.
وفي هذه المشاركة أبحث مع إخواني طلبة العلم، حكم الإسناد الذي يأتي من طريق الأعمش غير مصرح فيه بالسماع.
كيف تعامل العلماء مع تدليس الأعمش.
أثبت العلماء تدليس الأعمش، واختلفوا في تقييم تدليسه والتعامل معه.
فمنهم من رد أسانيده التي لم يصرح فيها بالسماع.
ومنهم من غض الطرف عن عنعنته ولم يعتبرها.
ومنهم من قبل عدم تصريحه بالسماع من رواة، ورفضه في آخرين.
ومنهم من اضطرب فيه فمرة قبلها ومرة ردها.
خلاصة البحث:
أما من رد حديثه معنعناً فقد تمسك بالقواعد، وأصاب عين الحقيقة.
وأما من اضطرب أو غض الطرف، فقد خالف القواعد وأخطأ.
وأما من قسم في تدليس الأعمش فقبله في رواة دون غيرهم، فمنهم الإمام الذهبي، ولعله اجتهد ولم يصب، على ما ظهر لي، وهذا تقرير وتفنيد ذلك، والله أعلم.
وصف تدليس الأعمش
الأعمش يكثر من التدليس.
ثبت تدليس الأعمش عن أكثر من عشرين شيخاً، وعن أحدهم أكثر من مائة حديث. كما في "تهذيب الكمال" و "تحفة التحصيل" (1ـ134).
وقال ابن المبارك رحمه الله عن تدليس الأعمش: «إنما أفسد حديث أهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش لكم».
وقال المغيرة: «أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأعيمشكم هذا».
وقال سليمان الشاذكوني: «من أراد التديّن بالحديث، فلا يأخذ عن الأعمش ولا عن قتادة، إلا ما قالا: سمعناه».
كما في "معرفة علوم الحديث" (1ـ107)
وعبارة: أفسد حديث أهل الكوفة، من أسوء العبارات التي يتهم بها مدلس، حيث من المعلوم أن تسعة أعشار التدليس في زمن الأعمش كان بالكوفة.
2ـ الأعمش يدلس تدليس التسوية أيضاً.
قاله النووي في "الإرشاد" (34)، والخطيب في "الكفاية" (ص364)، ونقل في (ص365) عن عثمان بن سعيد الدارمي أن الأعمش ربما فعل هذا.
3ـ الأعمش يدلس رجالاً ضعفاء ومتروكين.
قال العلائي في "جامع التحصيل" (1ـ101): «قال أبو معاوية: كنت أحدث الأعمش عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد. فيجيء أصحاب الحديث بالعشي، فيقولون: حدثنا الأعمش عن مجاهد بتلك الأحاديث. فأقول: أنا حدثته عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد. والأعمش قد سمع من مجاهد. ثم يراه يدلس عن ثلاثة عنه، وأحدهم متروك، وهو الحسن بن عمارة».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (1ـ30) «وكل من عرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول، فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح، وقالوا مراسيل عطاء والحسن لا يحتج بها لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد، وكذلك مراسيل أبي قلابة وأبي العالية، وقالوا لا يقبل تدليس الأعمش، لأنه إذا وقف، أحال على ملأ، يعنون ثقة. إذا سألته عمن هذا؟ قال عن موسى بن طريف، وعباية بن ربعي، والحسن بن ذكوان».
وموسى بن طريف: كذاب.
وعباية بن ربعي: متروك متهم في دينه.
والحسن بن ذكوان: ضعيف.
كيف قيم العلماء تدليس الأعمش
اضطرب تقيم الحافظ ابن حجر رحمه الله، لتدليس الأعمش بعض الشيء، ففي كتابه "طبقات المدلسين" عد تدليس الأعمش في الطبقة الثانية مع الثوري وابن عيينة.
وفي كتابه "النكت" عد تدليسه في الطبقة الثالثة، التي تلي طبقة الثوري وابن عيينة.
وقال العلائي في "جامع التحصيل" صفحة (113): «ثانيهما: من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه في جنب ما روى أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي».
قلت: وفي هذا حيف كبير للزهري وأمثاله.
تقسيم الذهبي لتدليس الأعمش
قسم الحافظ الذهبي رحمه الله في كتابه "ميزان الاعتدال" (3ـ316) تدليس الأعمش فقال في ترجمته: «وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به، فمتى قال: أخبرنا فلان فلا كلام، ومتى قال: عن تطرق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال».
¥