واعتماد الذهبي رحمه الله، على تقسيم تدليس الأعمش هذا مبني على استقراءه لحديثه، والحق أن هناك ما ينقض هذا التقيسم، وفق قاعدة: المثبت مقدم على النافي.
فقد قال الحاكم في كتابه "معرفة علوم الحديث" (1ـ35): «عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه أذى. قال الحاكم: هذا حديث رواته كوفيون وبصريون ممن لا يدلسون وليس ذلك من مذهبهم ورواياتهم سليمة وإن لم يذكروا السماع، وأما ضد هذا من الحديث فمثاله ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء أنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: ذكرنا ليلة القدر ....
قال الحاكم رحمه الله: لم يسمع هذا الحديث الأعمش من أبي صالح وقد رواه أكثر أصحابه عنه هكذا منقطعاً فأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى ثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا خلاد الجعفي حدثني أبو مسلم عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش عن الأعمش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: ذكرنا ليلة القدر .... »
وقال ابن معين: «قال سفيان الثوري لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح الإمام ضامن.
كما في "تاريخ ابن معين" رواية الدوري. (3ـ497)
وقال الإمام أحمد: «كان الأعمش يدلس هذا الحديث لم يسمعه من أبي وائل. قال مهنا ـ تلميذ الإمام أحمد ـ فقلت له: عمن هو؟ قال: كان الأعمش يرويه عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي وائل فطرح الحسن بن عمرو وجعله عن أبي وائل».اهـ
كما في كتاب "تحفة التحصيل" (1ـ134).
وقال سفيان الثوري: «لم يسمع الأعمش حديث إبراهيم الوضوء من القهقهة منه، وروى الأعمش هذا الحديث عن أبي صالح». اهـ
كما في كتاب "تحفة التحصيل" (1ـ134).
وكان الحافظ ابن حجر رحمه الله، يتخوف من رواية الأعمش عن أبي صالح وأبي وائل بالعنعنة , وإن كانت في الصحيح، فقد قال في الفتح (12ـ82): «فيه: سمعت أبا هريرة وكذا في رواية عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح سمعت أبا هريرة وسيأتي بعد سبعة أبواب في باب توبة السارق وقال ابن حزم: وقد سلم من تدليس الأعمش. قلت: ولم ينفرد به الأعمش، أخرجه أبو عوانة في صحيحه من رواية أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح».
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (11ـ559): «قوله عن أبي وائل هو شقيق بن سلمة وقد تقدم في الشرب من رواية أبي حمزة وهو السكري وفي الأشخاص من رواية أبي معاوية كلاهما عن الأعمش عن شقيق وقد تقدم قريبا من رواية شعبة عن سليمان وهو الأعمش ويستفاد منه أنه مما لم يدلس فيه الأعمش فلا يضر مجيئه عنه بالعنعنة».
وروى ابن عبد البر بإسناده أن الأعمش كان يدلس حديث إبراهيم التيمي: « .... حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري قال: حدثنا سليمان الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال سفيان وشعبة: لم يسمع الأعمش هذا الحديث من إبراهيم التيمي.
قال ابن عبد البر: هذه شهادة عدلين إمامين على الأعمش بالتدليس وأنه كان يحدث عن من لقيه بما لم يسمع منه». اهـ
التمهيد (1ـ30)
وقال ابن مهدي: «حديث الأعمش من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة ليس من صحيح حديث الأعمش». اهـ
العلل لابن أبي حاتم (1ـ97)
ومعنى أنه ليس من صحيح حديث الأعمش أنه دلسه، كما مر عن سفيان وشعبة والقطان.
ومن التقسيم المعتبر لتدليس الأعمش ما جاء عن شعبه رحمه الله، حيث قال: «كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش وأبي إسحاق وقتادة.
قال الحافظ: فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة». اهـ
طبقات المدلسين (1ـ58).
هذا ما وقفت عليه من النقول المهمة في بيان حال تدليس الأعمش رحمه الله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو حاتم المصري]ــــــــ[16 - 03 - 05, 03:47 م]ـ
أخونا الفاضل جزاكم الله خيرا
والله أسأل أن يعلمنا وإياك لم أقرأ البحث بعد ولكن لي تحفظ بسيط على عنوان بحثكم (حكم تدليس الأعمش (رحمه الله
¥