إمكانيات الطالب. وهنا أذكر أن طالبة في السنة الأولى من الدراسات العليا بقسم السنة وعلومها كانت تمتلك في مكتبتها أكثر من ألف كتاب مخطوط مصور فضلاً عن المطبوع.
أما في مصر فتوفر المكتبات العامة يمكن أن يعوض على الأقل 80% مع توفر الهمم.
العامل الثاني: هو الحرص على الاستفادة بالوقت سواء وقت الأستاذ أو وقت الطالب في جامعة الإمام، وأذكر من حرص بعض تلاميذي الأفاضل على ذلك أن أحدهم إذا دق جرس البيت ولم أسعفه بالخروج إليه ـ ربما لدقائق ـ فإذا فتحت أجده يقرأ في كتاب معه إلى أن أفتح له الباب، فإذا ما اعتذرت عن بعض التأخر؟ يقول: لا عليكم أنا أستغل وقتي حتى تفتح الباب.
قيمة الوقت نراها كذلك لدى الإدارة والأساتذة، ولهذا يستفيد الطالب من وقت الدراسة منذ أول لحظة، بل أقول إن هناك جدية وحزماً في عنصر الوقت داخل العملية التعليمية، بكل أطرافها وسيرورتها، وعلى أكمل وجه، وفي عملية الرقابة والإدارة. في جامعة الإمام نجد حزماً وحساسية شديدة تجاه الوقت عما هو موجود في الأزهر.
وكلا العاملين له أثره في عملية إعداد الفرد؛ فالعضو في هيئة التدريس الذي بمرحلة الماجستير أو الدكتوراه بجامعة الإمام إذا قست معدل تحصيله العلمي في تخصصه والعضو المماثل له في الأزهر تجد أن الذي هناك متميز بقدر توافر العاملين له.
(البيان): العمل الخيري له إسهامه المشكور في نشر العلم: ما هي المجالات العملية التي ترى أن يتوجه إليها العمل الخيري؟
أنا أتمنى أن تكون هناك جهات وقفية تدار بطريقة ناجحة ومنظمة لتصب في مصلحة العمل تتبنى مثلاً كرسي دراسات إسلامية في جامعة، مثلما يوقِفُ بعض المسلمين أموالهم على كراسي دراسات إسلامية في جامعة مثل كمبردج، فحبذا لو وجدت مثل هذه الخدمة من الأوقاف أو توجهت نحو هذا المجال؛ لأنها بلا شك ستكون عاملاً مساعداً؛ ولتكن هذه النافذة أولاً تبنِّي باحثين يعرف أن عائقهم الوحيد هو الماديات، وتوفر لهم إمكانات البحث بحيث يخرج عملهم في خدمة التراث وفي خدمة علوم الحديث على الوجه المطلوب.
أيضاً إنشاء المكتبات. ولا بد لي أن أذكر في هذا أن الأوقاف المصرية لها مكتبات كانت تتوسع في هذا، مما أدى إلى نتيجة جيدة جداً، بعض المساجد في القاهرة التي أنشئت فيها مكتبات رصيدها لا يقل عن ألف كتاب من المراجع مثل مكتبة أحمد طلعت الموجودة في مسجد أحمد طلعت بالقاهرة وهي مكتبة كبيرة جداً وناجحة، أيضاً مكتبة الشيخ حامد وهي موجودة في القاهرة ويؤمها مئات الباحثين من مصر وغيرها، وحبذا لو تكررت مثل هذه المكتبة وأعيد تزويدها وتنميتها وتنسيقها رجاء التحديث، فالمشكلة مثلاً أنها تفتح بألف كتاب تجدها تنقص ولا تزيد؛ فالأسس موجودة ونريد فقط أن تنمو وتنجح؛ فإذا حصل هذا فلا شك أنه سيكون للأوقاف دور طيب في هذا المجال، فتتبنى باحثين وتفتح مكتبات وتزودها، ويحصل من مجموع الأمرين ـ إن شاء الله ـ ازدهار علمي لا يُشك في نجاحه بإذن الله.
هناك احتياجات قريبة تعد مقدمة للمجال العلمي مثل كفالة الأيتام ومثل الإنفاق على المساجد والمدارس التي تصب بلا شك في المجال العلمي.
وعموماً على الجهات الخيرية أن تتحسس مواضع الحاجة، وأن يكون دورها هذا متنوعاً؛ لأن الصعوبات كثيرة والاحتياجات أيضاً كثيرة، فلو تنوعت جهود أهل الخير كان أفضل حتى يحصل التكامل، وأن توازن هذه الجهات في دورها بين الاحتساب حيث لا تحمِّل الباحث فوق طاقته، وبين أن تجعل أيضاً الاطلاع أو التمكين من الاستفادة بدون مقابل، وإنما يكون هناك شيء رمزي يُشعر بأهمية العمل وفي نفس الوقت يكون متاحاً للباحث.
وبهذا تُستنهض الهمم وتبنى النماذج الواعدة والتي يحول بينها وبين الاستكمال ضعف الإمكانات.
(البيان): هل هناك نماذج ناجحة في العمل الوقفي على العلم يمكن أن تحتذى؟
¥