ومما يميز هذا العمل أن معالي الدكتور التركي والناشر قد جمعا له نسخاً خطية لم يسبق أن اعتمد عليها في التحقيق أحد مثل نسخة المكتبة الظاهرية، وكذا مثل نسخة الحرم المكي.
(البيان): كم نسخة تقريباً جمعتم؟
النسخ الكاملة من المسند قليلة، لكن مجموعها لا يقل عن ست نسخ، بعضها كامل مثل نسخة بغداد، وبعضها ملفق مثل نسخة المكتبة الظاهرية، ومثل نسخة دار الكتب المصرية، ومثل نسخة مكتبة الحرم المكي، وكان الخلاف: هل تُذكر الفروق بين النسخ ما أمكن وهذا ظاهر في الأجزاء الأولى أكثر منه في الأجزاء الأخيرة، أم نذكر الفروق الجوهرية أو المترتب عليها خطأ وصواب فقط؟
(البيان): وما الدروس المستخلصة والتوجيهات الهامة من هذه التجربة؟
أولاً: المستخلص من هذا أن تحقيق أي كتاب بدون خطة علمية يكون إضعافاً للثقة بمضمونه، وهذه نقطة مهمة جدّاً في التراث، فالخطة العلمية ضرورية جداً والتزامها ضروري.
ثانياً: التعويل على أصول خطية بأكبر قدر ممكن منها في خدمة النص وحتى نصور هذا أنه بالرغم من الاعتماد في الطبعة على ست نسخ خطية إلا أن هذه النسخ جميعاً اتفقت على سقط يبلغ 120 حديثاً في أثناء الجزء (39) من الكتاب، واضطر الإخوة المحققون أن يستدركوا هذا السقط من خلال كتب نقلت عن المسند مثل كتاب أطراف مسند أحمد للحافظ ابن حجر، وكتاب جامع المسانيد للإمام ابن كثير.
فهذا الأمر نحن نعلم أن المسند من 1301هـ متداول مطبوعاً على أنه كامل، ثم في عام 1405 هـ تقريباً أخرج الشيخ محمود الحداد سقطاً بلغ نحو مجلد صغير سماه صلة المسند، ثم لما عملت جمعية المكنز الإسلامي بالقاهرة مؤخراً على الكتاب على نسخ خطية أخرى ظهر أن في جميع هذه النسخ خرماً يبلغ هذا العدد؛ وقد تيسر لجمعية المكنز الإسلامي بحمد الله الحصول على بعض نسخ موثقة اشتملت على هذا الخرم، وعلى زيادة بعض أحاديث لم توجد في غيرها، وستصدر طبعة المكنز الكاملة قريباً بإذن الله. لذلك فالعنصر الثاني هو الاعتماد على أكبر عدد ممكن من النسخ الخطية للكتاب المحقق.
ثالثاً: أن تكون هناك خبرة علمية مؤهلة للقيام بمثل هذا العمل.
وهذه الشروط الثلاثة كفيلة بأن تخرج عملاً علمياً أحسن ما يمكن بإذن الله، إذا ما انضم إليها عنصر رابع هو روح هذا كله وهو عنصر الإشراف والمتابعة؛ لأن كل هذه العوامل يمكن أن لا تنجح أو يعرقل كل منها الآخر لو لم تكن هناك قوة حازمة تدير هذه الوسائل الثلاثة بكفاءة، وتوجهها الوجهة السليمة، نسأل الله أن يتقبل.
(البيان): وماذا عن مشروع المكنز الإسلامي الذي تشرفون عليه؟ ما أبعاد هذا المشروع وما ثمراته؟
هذا المشروع عمره الآن يقترب من عامه العشرين، وأنا أُعتبر جديداً عليه؛ فلم يكن لي علم بنشأته، وعندما جئت إلى مصر كان هو قد قطع حوالي اثني عشر عاماً من العمل، أخرج خلالها الكتب السبعة في طباعة مصححة ومفهرسة عدة فهارس جيدة، لهذه الكتب السبعة وهي صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي وسنن ابن ماجه، وموطأ الإمام مالك، باسم «الموسوعة الحديثية» وطبعت أيضاً على قرص ألكتروني ( CD) طبعة متميزة، بعدة ميزات علمية عن غيرها مما هو متاح في الأسواق حالياً.
هذا العمل وإن كان غير مستكمل لكل العوامل إلا أنه إذا قورن بمراكز مماثلة داخل مصر أو خارجها بإمكانات أكبر يجد أنه يعتبر إنجازاً كبيراً، ولكن ليس هو أفضل ما يمكن، ولذلك الآن المرحلة الحالية يتم نشر الاستدراكات والتصويبات على هذه المجموعة، على موقع إحسان على الإنترنت.
(البيان): وماذا عن الفترة الحالية؟
والمشروع في الفترة الحالية الآن بدأ مرحلة تتميز عن المرحلة السابقة بأشياء:
أولها: أنه لا يتم إخراج كتاب من كتب السنَّة إلا على أصول خطية كافية وموثقة.
الثاني: أنه لا بد من تحكيم هذه الأعمال المحققة بواسطة أساتذة الاختصاص من داخل مصر وخارجها قبل طباعتها.
¥