تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(( ... ، {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين}، وقال تعالى في سورة نون، {فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين}، قال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل نينوى من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله عز وجل، فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم، خرج من بين أظهرهم ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث.

قال ابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد من السلف والخلف: فلما خرج من بين ظهرانيهم، وتحققوا نزول العذاب بهم، قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم، فلبسوا المسوح، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلى الله عز وجل وصرخوا وتضرعوا إليه وتمسكنوا لديه، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهاب، وجأرت الأنعام والدواب والمواشي فرغت الابل وفصلانها وخارت البقر وأولادها وثغت الغنم وحملانها، وكانت ساعة عظيمة هائلة، فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي كان قد اتصل بهم بسببه، ودار على رؤسهم كقطع الليل المظلم، ولهذا قال تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها}، أي هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها، فدل على أنه لم يقع ذلك، بل كما قال تعالى {وما أرسلنا في قرية من نبي إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون} وقوله {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} أي آمنوا بكمالهم ..... ، وقد كانوا مائة ألف لا محالة واختلفوا في الزيادة .... .

وروى ابن جرير في تفسيره، والبزار في مسنده، من حديث محمد بن اسحاق عمن حدثه، عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت، أوحى الله إلى الحوت أن خذ ولا تخدش لحماً ولا تكسر عظماً، فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حساً فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر قال فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: يا ربنا إنا نسمع صوتاً بأرضٍ غريبة، قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، قال: فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله {وهو سقيم}، هذا لفظ ابن جرير إسناداً ومتناً، ثم قال البزار: لا نعلمه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الاسناد، كذا قال، وقد قال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا أبو عبدالله أحمد بن عبدالرحمن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثني أبو صخر، أن يزيد الرقاشي حدثه: سمعت أنس بن مالك ولا أعلم إلا أن أنساً يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يونس النبي عليه السلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاقبلت الدعوة تَحِن بالعرش، فقالت الملائكة: يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة، فقال: أما تعرفون ذاك؟ قالوا: يا رب ومن هو؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة! قالوا يا ربنا أو لا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال: بلى، فأمر الحوت فطرحه في العراء.

ورواه ابن جرير: عن يونس، عن ابن وهب به، زاد ابن أبي حاتم، قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث، أنه سمع أبا هريرة يقول طرح بالعراء وأنبت الله عليه اليقطينة، قلنا: يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال شجرة الدباء، قال أبو هريرة: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض أو قال هشاش الأرض، قال: فتنفشخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت. وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتا من شعره:

فأنبت يقطينا عليه برحمة ... من الله لولا الله أصبح ضاويا)) ... )) انتهى، البداية والنهاية 1/ 132 – 133، قصص الأنبياء ص273.

ـ[الحمادي]ــــــــ[27 - 04 - 05, 01:42 ص]ـ

جزاك الله خيراً أخي الكريم أشرف،، كفيتني عناءَ الجواب، فبارك الله فيك.

أنا لم أغفل عن الأحاديث الواردة في قصة يونس عليه الصلاة والسلام، ولكني نفيتُ ما ذكرتَ من ورود القصة باللفظ الذي سأل عنه الأخ فارس.

وإلا فالأحاديث الأخرى مشهورة معروفة.

ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - 04 - 05, 02:19 ص]ـ

وجزاكم بمثل شيخنا الكريم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير