وهذا سند ضعيف من أجل جهالة محمد بن عثمان، لا يدرى من هو كما قال الذهبي في الميزان (3/ 642) وقال: له خبر منكر ثم ساق له هذا الحديث اهـ، وقال ابن القيم في طريق الهجرتين (ص 639): هو مجهول، وبه ضعفه الهيثمي في المجمع (7/ 217) والأرناؤط وزملاؤه في تحقيق المسند (2/ 349) والألباني في ظلال الجنة (1/ 94 - 95) ومع هذا فقد حسنه أحمد شاكر في شرح المسند (2/ 259)، و رد عليه الألباني ردا طويلا حاصله: جهالة محمد بن عثمان وتضعيف الأزدي له، مع ما في متنه من النكارة في تعذيب عموم أطفال المشركين، ولكن يشهد لهذه الجهالة حديث خديجة المتقدم لو لا ما فيه من النكارة المذكورة، والله اعلم.
وأعله ابن القيم بعلة أخرى وهي الانقطاع بين زاذان وعلي، فقال: لم يدرك عليا كما في أحكام أهل الذمة (2/ 86) وطريق الهجرتين (ص 639) اهـ، كذا قال، وفي الميزان: أنه يقال: إنه شهد خطبة عمر بالجابية، وفيه عن ابن عدي أنه تاب على يدي ابن مسعود، ومثل هذا لا يقال إنه لم يدرك عليا، وعده الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من كبار التابعين كابن المسيب كما في التقريب، ولم أر أحدا فيمن خرّج الحديث وضعفه من تابع ابن القيم على هذا التعليل فينظر فيه فالله أعلم
الحديث السادس: عن الصعب بن حثامة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال " هم منهم ".
رواه البخاري (رقم 3012، 3013) ومسلم (رقم 1745).
والحديث ذكره ابن القيم من جملة ما استدل به من قال حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة كما في طريق الهجرتين (ص 649) وأحكام أهل الذمة (2/ 89).
وفي الباب حديث سابع عن ابن مسعود لم أجد – في حدود معرفتي – من استدل به لهذا القول، فلا أدري هل له عند أهل العلم معنى آخر وهو:
الحديث السابع: عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عند ما قال له عقبة بن أبي معيط-" من للصبية يا محمد؟ قال: النار، وفي رواية " النار لهم ولأبيهم ".
رواه أبو داود (رقم 2686) والشاشي في مسنده (رقم 409) والبزار (رقم 1936) والحاكم (2/ 135 وعنه البيهقي في السنن 9\ 65 ودلائل النبوة) وغيرهم من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، والطبراني في الأوسط (رقم 2973) من طريق صالح بن مالك كلاهما عن عبيد الله بن جعفر عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن مسروق عن ابن مسعود به.
وهذا سند صحيح ورجاله ثقات، وقال الهيثمي في المجمع (6/ 89): رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح أهـ، وحسنه أكرم العمري في السيرة الصحيحة (2/ 371) وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (2/ 511 رقم 2336): حسن صحيح أهـ، والله أعلم.
وقال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد اهـ. وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
وله شاهد من حديث سهل بن أبي حثمة بنحوه، رواه البيهقي في سننه (9\ 64 - 65).
فهذا الحديث لم أر من ذكره فيما احتج به القائلون بأنهم في النار، ولعلهم يكونون فهموه على معنى آخر، ومعلوم أن بعض أولاد عقبة بن أبي معيط اسلموا بل كان الوليد بن عقبة رجلا كبيرا قد أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله ألى بني المصطلق مصدقا وكان ما كان من أمره حتى نزلت آية الحجرات، فعلى هذا فقد يكون معنى الحديث على تقدير محذوف، أي لهم النار إن بقوا على الكفر وماتوا عليه، وهذا أقرب من تقدير كونهم في النار لو ماتوا صغارا، هذا قلته بحثا فلينظر فيه.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[24 - 04 - 05, 12:45 م]ـ
الحلقة الثالثة:
القول بأن أطفال المشركين يمتحنون
يوم القيامة وأدلته
وهذا القول نسبه أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 349 - 350) لأهل السنة فقال في جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة: وأن الأطفال أمرهم إلى الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء فعل بهم ما أراد ... ثم قال: وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب اهـ.
وأقره ابن القيم عليه في طريق الهجرتين (ص 657) وانتصر له فيه.
¥