تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو اختيار ابن تيمية، قال في الفتاوى (4/ 246 - 247): ثم إنه قد جاء في حديث إسناده مقارب عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا كان يوم القيامة فإن الله يمتحنهم ويبعث إليهم رسولا في عرصة القيامة، فمن أجابه أدخله الجنة ومن عصاه أدخله النار " (1) فهنالك يظهر فيهم ما علمه الله سبحانه ويجزيهم على ما ظهر من العلم وهو إيمانهم وكفرهم، لا على مجرد العلم، وهذا أجود ما قيل في أطفال المشركين، وعليه تتنزل جميع الأحاديث أهـ.

وقال أيضا – رحمه الله - في الصفدية (2/ 244 - 245): ولهذا لما تنازع الناس في أطفال الكفار، فطائفة جزمت بأنهم كلهم في النار، وطائفة جزمت بأنهم كلهم في الجنة، كان الصواب الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وهو قول أهل السنة: أنه لا يحكم فيهم كلهم بجنة ولا نار، بل يقال فيهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ " قيل يا رسول الله: أفرأيت من يموت من أطفال المشركين وهو صغير؟ فقال: " الله أعلم بما كانوا عاملين "، وكذلك ثبت هذا في الصحيحين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في آثار أخرى أنهم يمتحنون يوم القيامة، وجاءت بذلك أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن لم تبلغه الدعوة في الدنيا كالمجنون والشيخ الكبير والأصم الذي أدركه الإسلام وهو أصم لا يسمع ما يقال، ومن مات في الفترة، وأن هؤلاء يؤمرون يوم القيامة، فإن أطاعوا دخلوا الجنة وإلا استحقوا العذاب، وكان هذا تصديقا لعموم قوله تعالى ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا))، وبذلك استدل أبو هريرة على أن أطفال الكفار لا يعذبون حتى يمتحنوا في الآخرة. أهـ (2)

وقال في درء التعارض (8/ 401 - 402): وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه لأجله من كرهه، فإن من قطع لهم بالنار كلهم جاءت نصوص تدفع قوله، ومن قطع لهم بالجنة كلهم جاءت نصوص تدفع قوله، ثم إذا قيل: هم مع آبائهم لزم تعذيب من لم يذنب، وانفتح باب الخوض في الأمر والنهي والوعد والوعيد والقدر والشرع والمحبة والحكمة والرحمة، فلهذا كان أحمد يقول: هو أصل كل خصومة أهـ.

وقال فيه أيضا (8/ 437): والأكثرون يقولون: لا يجزي على علمه بما سيكون حتى يكون، فيمتحنهم يوم القيامة ويمتحن سائر من لم تبلغه الدعوة في الدنيا، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار.

وهذا القول منقول عن غير واحد من السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم، وقد روي في آثار متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم حسان يصدق بعضها بعضا، وهو الذي حكاه الأشعري في المقالات عن أهل السنة والحديث، وذكر أنه يذهب إليه، وعلى هذا القول تدل الأصول المعلومة بالكتاب والسنة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبين لأن الله لا يعذب أحدا حتى يبعث إليه رسولا ا. هـ وغير ذلك من كلامه في كتبه.

واختاره أيضا ابن القيم في طريق الهجرتين (ص 652) فقال: وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها، وتتوافق الأحاديث، ويكون معلوم الله الذي أحال عليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول " الله أعلم بما كانوا عاملين " يظهر حينئذ ويقع الثواب والعقاب عليه حال كونه معلوما علما خارجيا لا علما مجردا، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد رد جوابهم إلى علم الله فيهم، والله يرد ثوابهم وعقابهم إلى معلومه منهم، فالخبر عنهم مردود إلى علمه ومصيرهم مردود إلى معلومه، وقد جاءت بذلك آثار كثيرة يؤيد بعضها بعضا أهـ.

قال البيهقي عقيب حديث أبي هريرة: فأما حكمهم في الآخرة فبيانه في آخر الحديث وهو قوله " الله أعلم بما كانوا عاملين " فحكمهم في الدنيا في النكاح والمواريث وسائر أحكام الدنيا حكم آبائهم حتى يعربوا عن أنفسهم بأحدهما، وحكمهم في الآخرة موكول إلى علم الله عز وجل فيهم اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير