رواه الطبراني في الكبير (20/ رقم 158) والأوسط (رقم 7951) ومسند الشاميين (رقم 2205) وأبو نعيم في الحلية (5/ 127) والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (ص87) وابن عبد البر في التمهيد (18/ 129) وابن الجوزي في العلل (2/ 441 رقم 1540) من طريق عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ به.
وهذا سند واه جدا، عمرو بن واقد متروك كما في ترجمته من التقريب، وبه ضعفه ابن الجوزي فقال: هذا حديث لا يصح، وفي إسناده عمرو بن واقد، قال ابن مسهر: ليس بشيء، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك أهـ، ووافقه الهيثمي في المجمع (7/ 217) والألباني في صحيحته (5/ 605)، وعليه فلا يصلح لتقوية حديث أبي سعيد الخدري، ومن هذا تعرف ما في قول ابن القيم في طريق الهجرتين (ص 655): فهذا وإن كان عمرو بن واقد لا يحتج به فله أصل وشواهد، والأصول تشهد له أهـ والله أعلم.
الحديث الثالث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يؤتى يوم القيامة بالمولود والمعتوه ومن مات في الفترة والشيخ الفاني كلهم يتكلم بحجته، فيقوا الرب تبارك وتعالى لعنق من جهنم – أحسبه قال-: أبرزي، فيقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، فإني رسول نفسي إليكم، ادخلوا هذه، فيقول من كتب عليه الشقاء: يا رب! أتدخلناها ومنها نفرق؟، ومن كتب له السعادة فيمضي فيقتحم فيها مسرعا، قال: فيقول الله: قد عصيتموني، وأنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية، قال: فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار ".
رواه البزار (رقم 2177 زوائده) وأبو يعلى في مسنده (رقم 4224) وابن عبد البر في التمهيد (18/ 128) من طريق ليث بن أبي سليم عن عبد الوارث عن أنس به.
وهذا سند ضعيف، فيه علل متعددة وقد تقدم تخريج طرقه فيما سبق وهي:
أولا: ضعف عبد الوارث كما تقدم في الحديث السادس من الفصل الأول.
ثانيا: ضعف ليث بن أبي سليم، قال في التقريب: اختلط جدا، ولم يتميز حديثه فترك أهـ، ونسبه الهيثمي في المجمع (7/ 216) للتدليس، ورد عليه الألباني في صحيحته (5/ 603): بأنه لم يجد أحدا وصفه بالتدليس أهـ
ثالثا: المخالفة، وهي ما تقدم في الحديث السادس من الفصل الأول من طريق يزيد الرقاشي وعلي بن زيد بن جدعان و قتادة، ورواية مختار بن أبي مختار عن عبد الوارث، وهي مخالفة في المتن والإسناد، فلا يصح من هذا الوجه، وإن صححه الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (رقم 2468) بل ولا يصلح للتقوية لما علم من أن الشاذ والمنكر في أحد قسميه لا يصلح للاعتبار، كما قال العراقي في ألفيته:
وإن يكن لكذب أو شذا أو قوي الضعف قلم يجبر ذا
وخلاصة هذا الفصل أنه لم يصح فيه شيء مطلقا، بل كل ما ورد فيه غير صالح للتقوية على آحاده إلا الحديث الأول عند بعض العلماء والله أعلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 130): روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الأسود بن سريع وأبي هريرة وثوبان بأسانيد صحيحة من أسانيد الشيوخ، إلا ما ذكره عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة موقوفا ولم يرفعه، بمثل ما ذكرنا سواء، وليس في شيء منها ذكر المولود، وإنما فيها ذكر أربعة كلهم يوم القيامة يدلي بحجته، رجل أصم أبكم، ورجل أحمق، ورجل مات في الفترة، ورجل هرم، فلما لم يكن فيها ذكر المولود، لم نذكرها في هذا الباب ... أهـ.
والعجيب: أن كثيرا ممن أورد أحاديث الامتحان في مسألتنا هذه لم ينتبه لهذه النكتة التي ذكرها ابن عبد البر من عدم ذكر المولود في هذه الأحاديث التي اعتبروها شواهد يقوي بعضها بعضا، حتى فيمن جاء بعد ابن عبد البر ونقل في هذا الباب من كتابه هذا، ومنهم الأئمة الحفاظ كابن القيم القائل في طريق الهجرتين (ص 657): فهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا، وتشهد لها أصول الشرع وقواعده أهـ. والله أعلم.
وأما القياس:
¥