تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اخي الفاضل عبد: لقد كان استفساري لك عن كيف يتم ذهاب الشمس عند كل غروب لها لتسجد تحت عرش الرحمان, وليس عن كيفية سجودها. الا أنك فاجأتني برد لم أكن أتوقعه منك.

ذلك أنك لو رجعت الى السؤال الذي طرح عليك من قبل السائل الاول, والذي بقي في شقه الاخير معلقا من غير اجابة, لأدركت تطابق استفساري مع السؤال الاصلي!!! ..

أقتبس من كلام السائل ماجاء على لسانكم مايلي حتى اذكركم به:"سأل سائل فقال: قد أشكل علي معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن سجود الشمس تحت عرش الرحمن. كيف تسجد؟ أتقف للسجود للواحد المعبود؟ وإن حصل ذلك فمالنا لا نرى ذلك؟ ثم إن الحديث الشريف يذكر أنها تصنع ذلك بعد غروبها مع انها تغرب عن أهل كل بلد فإذا كان الأمر كذلك فإنها تسجد في كل وقت لأنها غاربة في كل وقت عن بلد من البلاد. فما العمل؟ أفيدونا رحمكم الله وزادكم الله علماً."اهـ

وعلى هذا, فانني لم أكن أبحث عن دقائق وتفاصيل حقيقة كيفية السجود, ولن أبحث عنها طال بي العمر أم قصر ,لأنني أعلم جيدا بل ولي اليقين الراسخ, أن الانسانية مهما تقدمت في علومها أو طال أمدها على هذه الارض, لن تتوصل الى ادراك مثل هذه الامور الغيبية مثل سجود وتسبيح الكائنات لخالقها التي حجب الله كيفيتها عن عباده. دليلي في ذلك قوله تعالى:"يسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن, وان من شيء الا يسبح بحمده, ولكن لا تفقهون تسبيحهم" (الأسراء/44)

ومن ثم فانني أعتبر الخوض في مثل هذه الصفات التي حجبها الله عنا , مضيعة للوقت ولا أقول بدعة كما قال امامنا مالك (رض) ذلك حينما سئل عن كيفية الاستواء على العرش, لان الفارق جلي بين كلتا الحالتين.

والحقيقة ياأخي ان الذي دفعني لطرح هذا الاستفسار عليك, هما امران: أولهما: مالمسته فيك من حماس ورغبة في المزيد من خوض غمار هذا البحث ,فقلت في نفسي لا باس من تنبيه اخي عبد من خلال هذا الاستفسار الذي نسي الاجابة عنه في السؤال الاصلي,

وثانيهما: ان معالجتك للموضوع جاءت مشبعة بأقوال واستدلالات لا يفهم منها فقط أنك كنت بصدد الاستدلال على عدم امتناع سجود الشمس لربها ,بل جاءت أيضا محاولة الاجابة عن كيف يتم هذا السجود وهي تجري أو تسبح في السماء من غير أن يستنكر الناس منها شيئا, فهذا مافهمته من كلامك الذي أقتبس منه آخره لتراجعه.

(اقتباس):

أولا هناك بعض الاشكالات التي تعاود الظهور ويكثر حولها النقاش، وهي منحصرة- على حد علمي - فيما يلي:

1 - هل يلزم من سجود الشمس وقوفها لفعل السجود الوارد في الحديث؟

2 - هل يلزم من خرور الشمس أن يكون خرورا ملحوظ المسافة طلوعاً ونزولاً؟

3 - هل يلزم من استئذان الشمس للطلوع وقوفها لذلك حتى يؤذن لها؟

والجواب على الاشكالات كالتالي:

لا يلزم من سجود الشمس أن تتوقف لفعل السجود لما يلي:

أ- أن سجود الشمس من حيث الخصوص لا يلزم منه ان يكون كسجود الآدميين من حيث الوقوف للطمأنينة ونحوه.

ب- أنه يحصل السجود منها وهي سائرة، وهذا القول مني وجدت أنه لم يكن بدعاً من القول ولله الحمد فقد سبقني إليه الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال في البداية والنهاية: "وعن ابن عباس انه قرأ: والشمس تجري لا مستقر لها، اي: ليست تستقر، فعلى هذا تسجد وهي سائرة. "

ومن هنا ندرك فائدة علم القراءات في دفع كثير من الاشكالات. والفائدة الثانية كما هو معلوم اختيار ابن كثير لسجود الشمس وهي سائرة بناء على هذه القراءة عن ابن عباس رضي الله عنه.

ويشبه هذا سجود المسافر الذي على دابته أو سجود الخائف على نفسه الهارب من عدو ونحوه إذ كلاهما يصح سجوده ويقع مع انتفاء وقوف أحدهما.

ولكن لو قال قائل:"نقبل منك صحة السجود دون أن يلزم منه وقوف الشمس ولكن الشمس لابد أن تقف لأن هذا لازم الخرور والاستئذان وإن لم يكن لازم السجود؟ "

والجواب على هذا كما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير