تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(تتجلى عظمة الخالق ... في الحديث القدسي الشريف

قال سبحانه وتعالى:

((يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك .. و غشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم و جعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام .. و جعلت لك متكأ عن يمينك و متكأ عن شمالك .. فأما الذي عن يمينك فالكبد .. و أما الذي عن شمالك فالطحال .. و علمتك القيام و القعود في بطن أمك .. فهل يقدر على ذلك غيري؟؟ فلما أن تمّت مدتك .. و أوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك .. فأخرجك على ريشة من جناحه .. لا لك سن تقطع .. و لا يد تبطش .. و لا قدم تسعى .. فأنبعث لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا .. حار في الشتاء و باردا في الصيف .. و ألقيت محبتك في قلب أبويك .. فلا يشبعان حتى تشبع .. و لا يرقدان حتى ترقد .. فلما قوي ظهرك و أشتد أزرك .. بارزتني بالمعاصي في خلواتك .. و لم تستحي مني .. و مع هذا إن دعوتني أجبتك .. و إن سألتني أعطيتك .. و إن تبت إليّ قبلتك))

ثانياً: (حال الخبر وكلام أهل العلم حوله):

ليس هذا الخبر بحديث قدسي، إنما رواه الإمام أبو نعيم في كتابه الحلية (15914) في ترجمة العباس بن إسماعيل الطامدي فقال:

(حدثنا أبي قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن خلة الصفار قال حدثنا محمد بن يوسف الصوفي قال حدثنا العباس بن إسماعيل الطامدي قال حدثنا مكي بن إبراهيم بن موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب القرظي قال:

"قرأت في التوراة أو قال في صحف إبراهيم الخليل، فوجدت فيها: يقول الله يا بن آدم ما أنصفتني خلقتك .. ") ا. هـ

كما ذكره الحافظ السيوطي بلا إسناد في كتابه "الدر المنثور في التأويل بالمأثور" (6/ 520) عند تفسير قول الله تعالى (ثم السبيل يسره) من سورة عبس، وفي كتابه "الحبائك في أخبار الملائك" (ص 37) فيما جاء في ملك الأرحام عليه السلام فقال:

(وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن كعب القرظي قال: قرأت في التوراة - أو قال في صحف إبراهيم عليه السلام - فوجدت فيها: يقول الله: يا بن آدم ما أنصفتني .. ) ا. هـ

محمد بن كعب القرظي تابعي عالم ثقة كثير الحديث.

فهذا الخبر من قبيل أخبار أهل الكتاب التي تسمى بـ (الإسرائيليات)، وأهل العلم يقسمون ما ورد إلينا من أخبارهم إلى ثلاثة أقسام:-

الأول: ما جاء موافقاً لما في شرعنا، فهذا نصدقّه ويجوز لنا روايته.

الثاني: ما جاء مخالفاً لما في شرعنا، فهذا نكذّبه ويُحرم علينا روايته إلا لبيان بطلانه.

الثالث: ما سكت عنه شرعنا، فهذا نتوقف فيه، فلا نحكم عليه بصدق ولا بكذب، ويجوز لنا روايته على جهة الاستئناس به، لأن غالب ما يُروى في ذلك راجع إلى القصص والأخبار لا إلى العقائد والأحكام، وروايته ليست إلا مجرد حكاية له لما هو في كتبهم أو كما يحدثون به بصرف النظر عن كونه حقاً أو غير حق.

ويدل على هذا قول النبي صلى الله عليه وآله سلم:

(بلّغوا عني ولو آية وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي معتمداً فليتبوأ مقعده من النار)

[أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (3461)]

قال الإمام الحافظ ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى وهو يتحدث عن القسم الثالث في مقدمة تفسيره (1/ 8):

(وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني) ا. هـ

والخبر الإسرائيلي المذكور من القسم الثالث لأنه مسكوت عنه في شرعنا الحنيف.

...

وإليكم بعض فتاوى أهل العلم حول هذا الخبر:

[1] قال الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله تعالى:

(هذا الحديث مما تلوح عليه علامات الوضع والكذب، ولا يجوز نشره ولا تجوز نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم) ا. هـ

المصدر:

http://www.almeshkat.net/vb/showthre...oto=nextoldest

[2] قال الشيخ حامد العلي حفظه الله تعالى:

(هذا الحديث لا يصحّ، لا يُعرف له أصل، ولا إسناد أصلاً) ا. هـ

المصدر:

http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa...&fatwa_id=2777

[3] قال مركز الفتوى في الشبكة الإسلامية بإشراف د. عبد الله الفقيه:

(فهذا الحديث لا نعرفه في شيء من دواوين السنة التي وقفنا عليها، وفضل الله عز وجل على الإنسان فوق ما ذكر، ولكن لا تصح نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا روي لنا بإسناد من شأنه أن يقبل، والله أعلم) ا. هـ

المصدر:

http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/S...Option=FatwaId

...

والخلاصة أن هذا الخبر ليس من الأحاديث القدسية الثابتة التي يرويها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى، إنما هو من الأخبار الإسرائيلية التي لا نصدقها ولا نكذبها، وليس فيه فائدة دينية كبيرة.

والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

مع تحياتي

أخوكم في الله/محب الخير

..............

ـ[أم مصعب بن عمير]ــــــــ[15 - 04 - 09, 03:20 ص]ـ

جزاكم الله خيرا رفع الله قدركم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير