((قلت: فإن قيل قد قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (409): قاعدة ـ في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه: قد ضعف الإمام أحمد وأكثر الحافظ أحاديث كثيرة مثل هذا .. ثم ذكر جملة من الأحاديث.
فالجواب:
أنه عند النظر في تلك الأحاديث التي ذكرها ابن رجب، وُجد أن بعض تلك الأحاديث اختلف الحفاظ في الحكم على صحتها، فلو كان ما ذكره ابن رجب قاعدة صحيحة لما اختلف الحفاظ في تضعيف تلك الأحاديث، كحديث ابن عباس في حج الصبي فقد أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 974) وأيضا فإن تلك الأحاديث التي ذكرها ابن رجب في شرح العلل، أكثرها لا يصح إسنادها إلى ذلك الصحابي الذي روى الحديث، فهذا مما يشعر أن أولئك الحفاظ لم يضعفوها لأجل أن راويها أفتى بخلافها، وإنما ضعفوها لضعف سندها، وهذا مما يُشعر بأن تضعيف الحديث إذا أفتى راويه بخلافه ليست قاعدة عند أولئك الحفاظ، وإنما هي قرينة مؤكدة على ضعف الحديث متناً بالإضافة إلى ضعفه سنداً، ورحم الله الإمام ابن رجب فلكل جواد كبوة.اهـ
مواصلةً للأمثلة:
3 - مثال في تاريخ أبي زرعة الدمشقي:
حدثنا عبيد الله بن عمر قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد الحذاء عن أنس بن سيرين قال: كانت أم ولد لآل أنس بن مالك، قد استحيضت، فأمروني أن أسأل ابن عباس، فسألته فقال: إذا رأت الدم البحراني، أمسكت عن الصلاة.
قال أبو زرعة: فسمعت أحمد بن حنبل يحتج بهذه القصة، ويرد بها ما روي عن أنس بن مالك: أن الحيض عشر، مما رواه الجلد بن أيوب، وقال: لو كان هذا عن أنس بن مالك لم يؤمر أنس بن سيرين أن يسأل ابن عباس.
4 - مثالٌ آخر من صنيع الإمام أحمد:
من مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود:
قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد (يعني ابن حنبل) ذكر حديثاً لصالح بن كيْسان، عن الحارث بن فُضيْل الخَطمي، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبي رافع، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: يكون أمراءُ، يقولون ما لا يَفعلون، فمن جاهدهم بيده. قال أحمد: " جعفرٌ هذا هو أبو عبد الحميد بن جعفر، والحارث بن فُضيْل ليس بمحمودٍ في الحديث، وهذا الكلام لا يُشبه كلام ابن مسعود، ابنُ مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصْبروا حتى تلْقوني ".
5 - إعلال البخاري حديث أبي هريرة مرفوعاً ((من استقاء فقد أفطر)) في التاريخ الكبير (1/ 91 - 92):
أ-وقال لى مسدد حدثنا عيسى بن يونس عن هشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استقاء فعليه القضاء، قال أبو عبد الله ولم يصح وانما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد عن ابيه عن أبى هريرة رفعه وخالفه يحيى بن صالح قال ثنا معاوية قال ثنا يحيى عن عمر بن حكم بن ثوبان سمع ابا هريرة قال إذا قاء احدكم فلا يفطر فانما يخرج ولا يولج.
ب-وأيضاً في العلل الكبير للترمذي ترتيب القاضي ص115:
حدثنا علي بن حجر، حدثنا عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض». سألت محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة وقال: ما أراه محفوظا. وقد روى يحيى بن أبي كثير عن عمر بن الحكم: أن أبا هريرة كان لا يرى القيء يفطر الصائم.
6 - لأبي داود السجستاني – رحمه الله -: (قد ينازع في الاستدلال بهذا المثال ففيه بحث).
سنن أبي داود
- باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر -
حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي، حدثنا يزيد، عن أيوب بن أبي مسكين، عن الحجاج، عن أم كلثوم، عن عائشة " في المستحاضة تغتسل تعني مرة واحدة، ثم توضأ إلى أيام أقرائها " حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي، حدثنا يزيد، عن أيوب أبي العلاء، عن ابن شبرمة، عن امرأة مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قال أبو داود: " وحديث عدي بن ثابت والأعمش، عن حبيب، وأيوب أبي العلاء كلها ضعيفة لا تصح " " ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب هذا الحديث أوقفه حفص بن غياث، عن الأعمش، وأنكر حفص بن غياث، أن يكون حديث حبيب مرفوعا، وأوقفه أيضا أسباط، عن الأعمش
¥