تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أولاً] أننا لا نخالف أنَّ الإمام أَحْمَدَ أطلق القول بالنَّكارة على أحاديث مُصْعَبِ، وذلك قوله الذِي حكاه عنه الأثرم: ((أحادبثه مناكبر)). وأما العقيلِيَّ، فإنه قال بعد نقلِهِ لهذا القول عن أَحْمَدَ، وذكرِهِ لأحاديثٍ ثلاثةٍ له: ((والفطرة يروى بإسنادٍ أصلح من هذا الإسناد، ودون العدد الذِي ذكرنا))، فهذا يعنِي تفرد مُصْعَبِ بالعدد ((عشر))، إذ يرويه أكثرهم ((خمس)). فإن يكن ذا حكماً منه على حديث الفطرة أيضاً بالنكارة، فهو كالإمام أَحْمَدَ فِي الحكم على الحدبث الذِي يتفرَّدُ به الثِّقة بأنَّه مُنْكَر، ولذا حكم الإمامُ أَحْمَدُ على جملةٍ من أفراد الثِّقات الصِّحاح أنها منكرة: كحديث الاسْتِخَارَةِ، وحديث النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَهِبَتِهِ، ونحوها من غرائب الصِّحاح المخرَّج أكثرها فِي ((الصحيحين))!!.

على أنَّ العقيلِيَّ قد خولف على دعواه تفرُّدَ مُصْعَبِ بذكر العدد، بما أخرجه أَحْمَدُ من حديث عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وفيه ضعف وانقطاع:

قال الإمام أَحْمَدُ (4/ 264): حَدَّثَنَا عَفَّانُ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْمَضْمَضَةُ، وَالاسْتِنْشَاقُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَالسِّوَاكُ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَالاخْتِتَانُ، وَالانْتِضَاحُ)).

وأخرجه أبو داود (53)، وابن ماجه (294)، وأبو يعلى (1627)، والبيهقِيُّ ((الكبرى)) (1/ 53) و ((شعب الإيمان)) (3/ 23/2761) من طرقٍ عن حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ به.

[ثانياً] وأما الدارقطنِيَّ فقال: ((تفرَّد به مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وخالفه أبُو بِشْرٍ وسُلَيْمَانُ التَّيمِيُّ، فروياه عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ من قوله)). فهذا ذكر للمخالفة فقط خالٍ من الإعلال أو الإنكار لحديث الأصل، يل لعلَّه كالتنبيه لصحَّة الحديث ورجحانه مع وجود المخالف. وذلك كصنيع إمام المحدِّثين فِى ((صحيحه)) عقب إخراجه حديث الثورِيِّ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنِّي لأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ. قال: وَقَالَ شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. فهذا تصحيح لحديث الثَّوْرِيِّ مع التنبيه على مخالفة شُعْبَةَ له على إسناده.

وكصنيعه عقب إخراجه حديث مَرْوَانِ بْنِ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمِ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ)). قال أبو عبد اللهِ: وَرَوَاهُ الْقُمِّيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَسَلِ وَالْحَجْمِ. فهذا تصحيح لحديث الأَفْطَسِ مع التنبيه على مخالفة لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ له على إسناده.

[ثالثاً] وأما النَّسائِيُّ، فقال: ((خالفه سُلَيْمَانُ التَّيمِيُّ وجَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ))، ثم أسنده عنهما عَنْ طَلْقٍ قَوْلَهُ، وقال: ((وحديث سُلَيْمَانَ التَّيمِيِّ وجَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ أشبه بالصَّواب من حديث مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ)). فليس هذا تصريحاً بإنكار، وإن أفاد إعلالاً بترجيح المقطوع على الموصول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير