قلت: فهل إذا روى منصور رواية في فضل أهل البيت نتوقف فيها بدعوى أنه شيعي؟! وكذلك أبو إسحاق السبيعي والأعمش والحكم وابن أبي ليلى وعدي ين ثابت وزبيد اليامي وعبثر بن القاسم وغيرهم كثير، لاأظن أن منصفا عارفا بالحديث يتوقف في رواية هؤلاء!!
قال المعلمي رحمه الله رداًعلى الجوزجاني: فإن في الكوفيين المنسوبين للتشيع جماعة أجلة اتفق أئمة أهل السنة على توثيقهم وحسن الثناء عليهم
قلت: ولم يفرق أهل الحديث المتقدمين في قبول رواية هؤلاء بين ما رووه في فضائل أهل البيت وما رووه في غيرهم بل قبلوا روايتهم من غير تفصيل حتى جاء الجوزجاني! وحصل الخلاف في تفسير كلامه وأظن أن الجوزجاني كان شديد العبارة لكنه لم يخالف من سبقه وقصد الجوزجاني رد أحاديث هؤلاء الثقات إذا كانت عن شيوخهم الضعفاء أو كانت غير متصلة الإسناد كأن يكون فيها انقطاع أو تدليس أو إرسال وما سوى ذلك فروايتهم مقبولةحتى لو كانت مؤيدة لبدعتهم في الظاهر والله أعلم
قال ابن حجر رحمه الله: فإن مذهب جماعة من أهل السنة أعني التوقف في تفضيل أحدهما على الآخر وإن كان الأكثر على تقديم عثمان بل كان جماعة من أهل السنة
وهذا شريك النخعي فيه تشيع خفيف قيل له: ماتقول فيمن يفضل علياً على أبي بكر؟ قال: إذا يفتضح يقول أخطأ المسلمون.)
وقيل له أرأيت من قال: لاأفضل أحدا قال: هذا أحمق أليس قد فضل أبو بكر وعمر!.
وقيل له: بلغنا أنك تنال من أبي بكر وعمر فقال شريك: والله ما أنتقص الزبير فكيف أنال من أبي بكر وعمر. فليس هناك تلازم بين التشيع والرفض الكامل المحض.
الملاحظة الثانية قال الأمين: (واحتجّ خصومنا بأن عدداً من العلماء قد احتج بعبد الرزاق وهو ثقة ثبت شيعي. ويدل على ذلك ما رواه أبو بكر بن أبى خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين و قيل له: «إن أحمد بن حنبل قال: إن عبيد الله بن موسى يُرَدُّ حديثُه للتشيع». فقال: «كان والله الذي لا إله إلا هو عبد الرزاق أغلى في ذلك منه مئة ضعف. و لقد سمعت من عبد الرزاق أضعاف أضعاف ما سمعت من عبيد الله».
قلنا: ولكن عبد الرزاق لم يكن من الشيعة الغلاة، وغاية الأمر أنه يفضّل علياً على عثمان ويُعرّض بمعاوية (وهذا أقل من السب). ويدلك على ذلك قوله بنفسه: «واللهِ ما انشرح صدري قط أن أُفَضِّلَ عليّاً على أبي بكر و عمر. رحم الله أبا بكر و رحم الله عمر و رحم الله عثمان و رحم الله علياً. من لم يحبّهم فما هو مؤمن». و قال: «أوثق عملي حبي إياهم». و قال: «أُفَضِّلُ الشيخين بتفضيل علي إيّاهُما على نفسه. و لو لم يفضِّلهما لم أفضّلهما. كفى بي آزرا أن أُحِبَّ عليّاً ثم أخالف قوله». قال أبو داود: «و كان عبد الرزاق يُعَرِّضُ بمُعاوية».
قلت: العجيب أن الأخ الأمين في مشاركة سابقة له جعل عبدالرزاق بن همام من الرافضة وكذلك وكيع بن الجراح وقال كلاما شنيعا عليهما! رددنا عليه في وقتها وقام الأخ المشرف بحذف المشاركة للطرفين والآن يلين العبارة في عبد الرزا ق ويقول أنه لم يكن من الغلاة وهذا شيء طيب! يفرحنا كثيراً
وأما ما قيل في عبد الرزاق وروايته بعض الأحاديث المنكرة في الفضائل فنقول إن عبد الرزاق إمام محدث من كبار الحفاظ وثقه الأئمة كلهم إلا العباس العنبري وحده فتكلم فيه بكلام أفرط فيه ولم يوافقه أحد
وقال عنه أحمدبن حنبل: كامل الفقه في أصحاب الحديث وقال أيضاً: ما رأيت أحسن حديثا منه
وقال النسائي فيه نظر لمن كتب عنه بآخره كتبوا عنه أحاديث مناكير وقال أحمد من سمع منه بعدما عمي فليس بشيء وما كان في كتبه فهو صحيح وما ليس في كتبه فإنه كان يتلقن وقد احتج به الشيخان في جملة من سمع منه قبل الاختلاط.
مقدمة ابن حجر (440)
قال الذهبي:بل سائر الحفاظ وأئمة العلم يحتجون به إلا في تلك المناكير المعدودة في سعة ماروى. وقال عبدالله سألت أبي: عبد الرزاق يفرط في التشيع قال أما أنا فلم أسمع منه شيئا ولكن كان رجلا تعجبه أخبار الناس.
قلت: والخلاصة: أن الأصل في رواية عبد الرزاق هي القبول في الفضائل أو في غيرها إلا في الأحاديث المنكرة المعدودة سواء كانت في الفضائل أو غيرها وأغلب الروايات المنكرة هي من شيوخه أو من الرواة عنه أو مما رواها بعدما كبر
¥