فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع؟ قال: ((أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرفت عليها وهى مدرة بالية، فقلت: لا تحيا أبداً، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياماً حتى أشرفت عليها وهى شرية واحدة، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فيخرجون من الأصواء، ومن مصارعهم، فتنظرون إليه وينظر إليكم)).
قال: قلت: يا رسول الله، وكيف نحن ملء الأرض، وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: ((أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل، الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما. ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما)).
قلت: يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه بادية له صفحاتكم، لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء، فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحميم الأسود. ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم ويفترق على أثره الصالحون فيسلكون جسرا من النار، فيطأ أحدكم الجمر فيقول: حسِّ، يقول ربك عز وجل: أوانه، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ والله ناهلة عليها قط ما رأيتها، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى، وتحبس الشمس والقمر ولا ترون منهما واحداً)).
قال: قلت: يا رسول الله فبما نبصر؟ قال: ((بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال)).
قال: قلت: يا رسول الله، فبمَ نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: ((الحسنة بعشرة أمثالها، والسيئة بمثلها إلا أن يعفو)).
قال: قلت: يا رسول أما الجنة أما النار. قال لعمر إلهك إن للنار لسبعة أبواب ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماَ، وإن للجنة لثمانية أبواب ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما)).
قلت: يا رسول الله فعلى ما نطَّلع من الجنة؟ قال: ((على أنهار من عسل مصفى، وأنهار من كأس ما بها من صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسنٍ، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة)).
قلت:يا رسول الله، ولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟ قال: ((الصالحات للصالحين تلذُّونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد)).
قال لقيط: فقلت: أقصي ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟ فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله ما أبايعك؟ قال: فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال: ((على أقام الصلاة وإيتاء الزكاة وزيال المشرك، وان لا تشرك بالله إلها غيره)). قلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب؟ فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وظن أنى مشترط شيئا لا يعطينيه، قال: قلت: نحُلُّ منها حيث شئنا، ولا يجنى امرؤ إلا على نفسه، فبسط يده وقال: ((ذلك لك، تحُلُّ حيث شئت، ولا يجنى عليك إلا نفسك)) قال: فانصرفنا عنه ثم قال: ((إن هذين لعمر إلهك من أتقى الناس في الأولى والآخرة)). فقال له كعب بن الخدارية أحد بني بكر بن كلاب، من هم يا رسول الله؟ قال: ((بنو المنتفق أهل ذلك)).
قال: فانصرفنا وأقبلت عليه، فقلت: يا رسول الله هل لأحد ممن مضى من خير في جاهليتهم؟ قال: قال رجل من عرض قريش: والله إن أباك المنتفق لفي النار،قال: فلكأنه وقع حرٌّ بين جلدي ووجهي ولحمى مما قال لأبي على رؤوس الناس، فهممت أن أقول وأبوك يا رسول الله؟ ثم إذا الآخرى أجمل، فقلت: يا رسول الله وأهلك؟ قال: ((وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامري أو قرشي من مشرك فقل: أرسلني إليك محمد فأبشرك بما يسوؤك، تُجر على وجهك وبطنك في النار)).
قال: قلت: يا رسول الله، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه، وكانوا يحسبون انهم مصلحون، قال: ((ذلك لأن الله عز وجل بعث في آخر كل سبع أمم - يعنى - نبياً فمن عصى نبيه كان من الضالين ومن أطاع نبيه كان من المهتدين)).
ورواه عبد الله بن أحمد كذلك في السنة 2/ 285 بمثل هذا السياق.
ورواه ابن أبي عاصم في السنة 1/ 286 بطوله، وفي 1/ 200، و1/ 231 ببعض متنه، وضعفه الألباني في تعليقه على السنة لعدم معرفة حال عبد الرحمن السمعي، ودلهم بن الأسود، ورواه بطوله أيضاً: الطبراني في المعجم الكبير: 19/ 211 - 213 والحاكم في المستدرك: 4/ 605 – 607، وقال: هذا حديث جامع في الباب صحيح الإسناد كلهم مدنيون ولم يخرجاه.
ورواه كذلك ابن قانع في معجم الصحابة: 3/ 7 – 8 مقتصراً على قوله: أن لقيطا خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وافدا إليه معه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن المنتفق، قال: فأتيناه حين انصرف الناس من صلاة الغداة فقام في الناس خطيبا ثم ذكر حديثا طويلاً فقلت: يا رسول الله على ما أبايعك؟ وبسط يده قال: على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فقلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب، فقبض يده وظن أني مشترط شيئاً لا يعطيني، قلت: نحل حيث شئنا، قال: ذلك لك.
وقال ابن حجر (التهذيب: 5/ 50): خرجه أبو داود مختصرا كما هنا، ورواه أبو القاسم الطبراني مطولا وهو حديث غريب جداً.
ولقد صرح الذهبي في الميزان، والمزي في تهذيب الكمال: 31/ 541 بأنَّ الأسود لم يرو إلا هذا الحديث.
تنبيه: ورد اسم الراوي عن دلهم عند أبي داود عبد الملك بن عياش، وعند جميع من أخرج الحدييث عبد الرحمن بن عياش، فالوهم من أبي داود كما بين ذلك المزي: 18/ 377، والله أعلم.
¥