البعض قد يغفل عن قول الإمام ابن حبان في أن ابن لهيعة من المدلسين ورمي بالتدليس عن الضعفاء والمتروكين، ونقله الحافظ في «طبقات المدلسين» كما بينا آنفًا، ونقله في «التهذيب»، ويغفل أيضًا عن تجريح هؤلاء الأئمة الأعلام الذي أوردناه آنفًا
ويتعلق بما نقله الحافظ ابن حجر في «التهذيب» عن عبد الغني بن سعيد الأزدي قال «إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح ابن المبارك، وابن وهب والمقري، وذكر الساجي وغيره مثله
وقلت وحتى هذا القول لا ينطبق على هذا الخبر الذي جاءت به هذه القصة الواهية المنكرة
أ فالعبادلة المذكورون في هذا القول هم عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبدالله بن يزيد المُقري، كما هو مبين في «تهذيب الكمال» في الذين رووا عن ابن لهيعة
ب وبالرجوع إلى طرق القصة من التخريج الذي أوردناه آنفًا نجد في الطريق الذي أخرجه ابن عبد الحكم أن الذي روى عن ابن لهيعة هو عثمان بن صالح
ونجد في الطريق الذي أخرجه ابن قدامة أن الذي روى عن ابن لهيعة هو عبد الله بن صالح المصري
بهذا يتبين خلو الطريقين من العبادلة الثلاثة ابن المبارك، وابن وهب، والمقري، فالقصة بتطبيق هذا القول واهية أيضًا كما في «الضعفاء والمتروكين» للدارقطني ترجمة، حيث إن ابن لهيعة متروك إلا من رواية هؤلاء الثلاثة عنه
العلة الأخرى
من التخريج نجد أن خبر القصة أخرجه ابن عبد الحكم في «فتوح مصر»، وابن قدامة في «الرقة» من طريق ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن من حدثه قال «لما فتح عمرو بن العاص مصر» القصة
نجد أن هذا الخبر فيه راوٍ مبهم لم يروه عن هذا المبهم المجهول إلا قيس بن الحجاج تفرد به ابن لهيعة
والحديث المبهم هو الحديث الذي فيه راوٍ لم يُصَرَّح باسمه قال البيقوني في منظومته «ومبهم ما فيه راوٍ لم يسم» اهـ
قال الحافظ في «شرح النخبة» «ولا يقبل حديث المُبهم ما لم يُسم لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه ومن أبهم اسمه لا تعرف عينه فكيف تعرف عدالته؟» اهـ
قلت وهذه العلة تجعل هذا الخبر مردودًا وتزيد القصة وهنًا على وهن خاصة وأن قيس بن الحجاج من الطبقة السادسة كما في «التقريب» حيث قال الحافظ ابن حجر «قيس بن الحجاج الكلاعي المصري من السادسة»
وبيَّن الحافظ في المقدمة أن الطبقة السادسة «لم يثبت لهم بقاء أحد من الصحابة»
فقيس بن الحجاج لم ير عمرو بن العاص، ولم ير عمر بن الخطاب، وروى القصة عنهما عن طريق مبهم لم يسم
فالقصة باطلة واهية بالتدليس والطعن في ابن لهيعة ورواية شيخه عن مجهول مبهم فهي من منكرات ابن لهيعة التي يطول ذكرها
وإن تعجب فعجب أَن هذه القصة الواهية لم تقع لأي بلد على النيل إلا لمصر من المنبع إلى المصب
ولم يقع هذا الخبر لأي نهر في العالم إلا لنهر النيل وفي مصر بالذات بهذه القصة الواهية ومن حاول تأويل الخبر فهو غافل لأن السند تالف والأنهار سخرها الله لكل من على الأرض ليقرر توحيد الربوبية، وأن ذلك مستلزم أن لا يعبد إلا الله، وهو توحيد الألوهية
فيجعل الأول دليلاً على الثاني، قال الله تعالى أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ النمل
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=285777
ـ[أم مصعب بن عمير]ــــــــ[20 - 04 - 09, 08:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا
لاحرمكم الله الأجر