تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وثَمَّةَ وَجْه آخَرُ: أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((عَلِيٌّ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسَى)) فِيهِ إِثْبَاتُ فَضِيلَةٍ لعَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ فِى مُقَابَلَةِ فَضَائِلَ أُخْرَى ثَابِتَةٍ وَمُشْتَهَرَةٍ لِسَائِرِ الصَّحَابَةِ، فَلَوْ صَلُحَ لأَنْ يَكُونَ نَصَّاً عَلَى خِلافَتِهِ، لَصَلُحَ مَا ادَّعَاهُ خُصُومُ الرَّافِضَةِ وَمُخَالِفِيهِمْ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَى خِلافَةِ غَيْرِهِ!، فَقَدْ ادَّعَتْ الْبَكْرِيَّةُ النَّصَّ عَلَى خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ الله عَنْهُ لِثُبُوتِ فَضِيلَتِهِ بِقُوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ((إِنِّي لا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ))، وَقَوْلِهِ عَنْهُ ((إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، لا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ إِلا بَابُ أَبِي بَكْرٍ))، وكذلك ادَّعتْ الراونديَّةُ النَّصَّ عَلَى خِلافَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلِّبِ، وَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ ((لَيَكُونَنَّ فِي وَلَدِ الْعَبَّاسِ مُلُوكٌ يَلُونَ أَمَرَ أُمَّتِي، يَعِزُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ الدِّينَ))، وَقَالَ لَهُ ((فِيكُمْ النُّبُوَّةُ وَالْمَمْلَكَةُ))، وَهَذَانِ مِمَّا وَضَعَتْهُمَا الرَّوِانَدِيَّةُ فِى فَضَائِلِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَهَذِهِ وَأَشْبَاهُهَا أَلْفَاظٌ مُحْتَمَلَةٌ، وَلَيْسَتْ نُصُوصَاً صَرِيْحَةً، فَلَوْ فُتِحَ الْبَابُ عَلَى مِصْرَاعِيْهِ لِلاسْتِدَلالِ بِهَا عَلَى التَّنْصِيصِ الْمَزْعُومِ، لاشْتَرَكَ فِى الاقْتِدَارِ عَلَيْهَا كُلُّ حِزْبٍ، اسْتِدَلالاً بِمَا ذُكِرَ مِنْ فَضَائِلِ مَتْبُوعِهِ، وَتَحْرِيفَاً لِلَكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَمَا قَامَتْ لَوَاحِدٍ مِنْ الْمُتَنَازِعِينَ حُجَّةٌ عَلَى مُخَالِفِهِ. وَذَاكَ مِمَّا لا يَرْتَضِيهِ ذُوو الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ، وَالْْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ، وَالدِّيَانَةِ الرَّبَانِيَّةِ الصَّادِقَةِ.

وَأَمَّا الشِّيعَةُ الإِمَامِيَّةُ، فَلَمْ تَقْنَعْ لِعَلِيٍّ بِتِلِكَ الْمَنْزِلَةِ ((عليٌّ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى))، حَتَّى أَرْدَفَتْهَا بِمَنَازَلَ غَيْرِ مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى، وَلا مَفْهُومَةِ الدِّلالَةِ، إِلا عَلَى أَهْوَائِهِمْ السَّقِيمَةِ، وَمَذَاهِبِهِمْ الْعَقِيمَةِ، وَتَأْوِيلاتِهِمْ الْكَاسِدَةِ، وَنِحْلَتِهِمْ الْفَاسِدَةِ. فَهُوَ مِنْ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْزِلَةِ ((هِبَةِ اللهِ مِنْ آدَمَ)) و ((شِيثَ مِنْ نُوحٍ)) و ((إِسْحَاقَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ))، وَهُوَ لأُمَّتِهِ شِيثُهَا، وَهَارُونُها، وَآصَفُهَا، وَشَمْعُونُهَا، وَيُوشَعُهَا، وَوَصِيُّهَا وَخَلِيفَتُهَا، وسَفِينَةُ نَجَاتِهَا، وبَابُ حِطَّتِهَا، وَمِفْتَاحُ جَنَّتِهَا، فِى قَائِمَةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ الْعِبَارَاتِ الْغَامِضَةِ الْمَعَانِي، الرَّكِيكَةِ الْمَبَانِي، الَّتِى أَلْجَئَتْ مُحُبَّهُ وَآلِ بَيْتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنِ يَصِيحَ فِى وُجُوهِ كُبُرَاءِ مُحَدِّثِيهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ وَآيَاتِهِمْ الْعِظَامِ: مَهْلاً يَاغُلاةَ الذَّمِّ وَالْقَدْحِ، أَتَظُنُونَ أَنَّكُمْ بِذَلِكَ الْبُهْتَانِ تَمْدَحُونَهُ، أَوْ تُثْبِتُونَ لَهُ فَضْلاً، أَوْ تَرْفَعُونَ لَهُ قَدْرَاً. هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ .. قَدْ ضَلَّ عَمَلُكُمْ، وخَابَ سَعِيُكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ مُنْكَرَاً مِنْ الْقَوْلِ وَزُورَا!.

فَيَا أَسَفَاً لِلْعِلْمِ يَطْمِسُهُ الْهَوَى ... وَيَا أَسَفَاً لِلْقَوْمِ كَيْفَ أُبِيرُوا

سَرَوْا يَخْبِطُونَ اللَّيْلَ عُمْيَاً تًلُفُهُمْ ... شَمَائِلُ مِنْ أَهْوَائِهِمُ وَدَبُورُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير