يَتِيهُونَ سُكَعَاً فِي الْمَجَاهِلِ مَا بِهِمْ ... بِمَوِطِىءِ أَخْفَافِ الْمَطِي بَصِيرُ
دَلِيلُهُمْ يَهْوِى بِهِمْ فِي مَضَلَةٍ ... وَهُمْ خَلْفَهُ عُمُشُ الْعُيونِ وَعُورُ
وَلَوْ كَانَ عَيْنُ الْحَقِّ مَنْشُودَ جَهْدِهِمْ ... لَمَا حَالَ سَدٌّ أَوْ طَوَتْهُ سُتُورُ
نَعَمْ أَبْصَرُوهُ حَيْثُ غَرَّهُمْ الْهَوَى ... فَصَدَّهُمْ عَنْهُ هَوَىً وَغُرُورُ
وَفِي زُخْرُفِ الْقَوْلِ اِزْدِهَاءٌ لِمَنْ غَوَى ... وَاَلْهَتْهُ عَنْ لُبِّ الصَّوَابِ قُشُورُ
وَفِي الْبِدَعِ الْخُضْرِ اِبْتِهَاجٌ لأَنْفُسٍ ... تَدُورُ بِهَا الأَهْوَاءُ حَيْثُ تَدُورُ
نَشَاوَى مِنْ الدَّعْوَى التَّي يَعْصُرُونَهَا ... وَلَيْسَ لِبُرْهَانٍ هُنَاكَ عَصِيرُ
وَتِلْكَ ثِمَارُ الْجَهْلِ وَالْجَهْلُ مَرْتَعٌ ... وَخِيمٌ وَدَاءٌ لِلنُّفُوسِ عَقُورُ
وَإِنْ تَعْجَبَ، فَعَجَبٌ إِثْبَاتُهُمْ ذَلِكَ، وَتَصْرِيْحُهُمْ بِهِ فِى أُصُولِهِمْ، وَأُمَّهَاتِ كُتُبِهِمْ، وَأَمَالِيهِمْ، وَمَجَالِسِهِمْ، كَـ ((الأُصُولِ السَّتَةَ عَشَرَ))، وَالأُمَّهَاتِ الأَرْبَعَةِ الْكِبَارِ: ((الْكَافِى)) لِثِقَةِ الشِّيعَةِ الْكُلَيْنِيِّ، وَ ((مَنْ لا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ)) للشَّيْخِ الصَّدُوقِ، وَ ((تَهْذِيبِ الأَحْكَامِ)) وَ ((الاسْتِبْصَارِ)) لِشَيْخِ الطَّائِفَةِ الطُّوسِيِّ. وَأَمَّا ((الأَمَالِى وَالْمَجَالِسِ)) فَأَشْهَرُهَا لِلصَّدُوقِ، وَالْمُفِيدِ، وَالطُّوسِىِّ، وَالْمَجْلِسِيِّ.
وَتعْجَبُ، وَلا يَنْقَضِى عَجَبُكَ إِذَا طَالَعْتَ ((أَمَالِى وَمَجَالِسَ)) الشَّيْخِ الصَّدُوقِ رَئِيسِ الْمُحَدِّثِينَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهَ الْمُتَوَّفَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلاثَمِائَةٍ هـ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ جُهَيْنَةُ الأَخْبَارِ، وَالسَّابِقُ الَّذِى لا يُجَارِيهِ أَحَدٌ فِى مِضْمَارٍ، وَلا يُشَقُّ لَهُ غُبَارٌ، وَلا يُعْثَرُ لَهُ – زَعَمُوا - عَلَى كَبْوَةٍ أَوْ عِثَارٍ، فَهُوَ أَعْلَمُ الْمُحَدِّثِينَ الْقُمِّيِّينَ، الَّذِى عَلَيْهِ مُعْتَمَدُهُمْ، وَإِلَيْهِ فِى الْجَلِيلِ وَالْحَقِيرِ مَرْجِعُهُمْ.
فَمَا مِنْ مَجْلِسٍ مِنْ ((أَمَالِيهِ وَمَجَالِسِهِ)) الشَّهِيرَةِ الْبَالِغِ عَدَدُهَا سَبْعَةً وَتِسْعِينَ مَجْلِسَاً، إِلا وَفِى صَدَارَتِهِ حَدِيثٌ فِى تَوْكِيدِ وِلايَةِ عَلِيٍّ وَوَصَايَتِهِ وَخِلافَتِهِ وَفَضَائِلِهِ، إِيغَالاً فِى التَّهْوِيلِ وَالتَّضْلِيلِ وَالتَّشْوِيشِ، وَمُحَاوَلَةً فِى إِقْنَاعِ أَتْبَاعِهِمْ وَشِيعَتِهِمْ: أَنَّ ذَلِكَ رُكْنُ الدِّينِ الأَعْظَمِ، وَمَعْقِدُ التَّقْوَى الأَقْوَمِ، وَذِرْوَةُ سَنَامِ الإِيْمَانِ، وَقُطْبُ دَائِرَةِ الإِحْسَانِ.
قَالَ الصَّدُوقُ فِى ((الْمَجْلِسِ الثَّالِثِ)) (ح6): حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْمُخَالِفُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدِي كَافِرٌ، وَالْمُشْرِكُ بِهِ مُشْرِكٌ، وَالْمُحِبُّ لَهُ مُؤْمِنٌ، وَالْمُبْغِضُ لَهُ مُنَافِقٌ، وَالْمُقْتَفِي لأَثَرِهِ لاحِقٌ، وَالْمُحَارِبُ لَهُ مَارِقٌ، والرَّادُّ عَلَيْهِ زَاهِقٌ عَلِيٌّ نُورُ اللهِ فِي بِلادِهِ، وَحُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ، عَلِيٌّ سَيْفُ اللهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَوَارِثُ عِلْمِ أَنْبِيَائِهِ، عَلِيٌّ كَلِمَةُ اللهِ الْعُلْيَا، وَكَلِمَةُ أَعْدَائِهِ السُّفْلَى، عَلِيٌّ سَيِّدُ الأَوْصِيَاءِ، وَوَصِيُّ سَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ، عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، لا يَقْبَلُ اللهُ الإِيْمَانَ إِلا بِوَلايَتِهِ وَطَاعَتِهِ)).
¥