تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الخبر السار في التعليق على حديث مالك الدار]

ـ[أبو عبد الله المليباري]ــــــــ[07 - 08 - 05, 02:32 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. فإن فتنة الصوفية كانت ولا تزال عقبة في طريق أهل السنة والجماعة، فلا يزالون ينشرون أفكاراً ضالة، وعقائد شركية، وأموراً بدعية. وإن الله يقيِّض لهذه الفتنة من يطفئ نارها من علماء السنة، فأنار الله بهم طريق الهدى وأوضح بهم سبل الرشاد.

وإن من أخطر العقائد الشركية التي ينشرها الصوفية هي استحبابهم للاستغاثة بغير الله من الأنبياء والصالحين. وما زالوا يقرُّون بأنها مستحبة ومشروعة مؤوِّلين الآيات والأحاديث بما يوافق هواهم. وخالفوا بذلك إجماع الصحابة وسلف الأمة.

ومن الأحاديث التي يتشبثون بها الآن، وكثر حوله الجدل هو حديث مالك الدار الذي رواه ابن أبي شيبة، ونصُّ الحديث هو كالتالي:

قال الإمام أبوبكر بن أبي شيبة في مصنَّفِه (6/ 356): (حدثنا أبو معاويةَ عن الأعمش عن أبي صالحٍ عن مالك الدارِ - وكان خازن عمر على الطعام – قال: أصاب الناس قحطٌ في زمنِ عمرَ فجاءَ رجلٌ إلى قبرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، استسقِ لأمتك فإنهم قد هلَكُوا، فأتي الرجلُ في المنام، فقيل له: ائت عمرَ فأقرئْهُ السَّلام وأخبره أنكم مَسقِيُّونَ وقل له: عليك الكيس عليك الكيس فأتى عمر فأخبره فبكى عمرُ ثم قال: يا ربِّ لا آلوا إلا ما عجزتُ عنه). وصحح إسنادَه ابن حجرٍ في (فتح الباري 2/ 495) حيث قال: (وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيحٍ من رواية أبي صالح السمَّان عن مالك الدار وكان خازن عمر قال: أصاب الناس قحط ... ) الحديث. قلت: فجعل الشيخ العلامة الألباني رحمه الله عبارة الحافظ أفادت تجهيل مالك الدار. فقال في (التوسل 131): (إنه ليس نصاً في تصحيح جميع السند بل إلى أبي صالحٍ فقط، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسناد من عند أبي صالحٍ، ولقال رأساً: "عن مالك الدار ... " وإسناده صحيح ... الخ).

أقول هذا الكلام من الشيخ الألباني رحمه الله غير مسلَّمٍ به من وجهين:

الوجه الأول: إن الحافظ قد تكرَّرت منه مثل هذه العبارة في غير ما موضع، ولم يَعن بذلك تجهيلاً ولا تضعيفاً. فمثلاً: قال الحافظ في الفتح (1/ 50): (وقع هنا تقديم الحج على الصوم وعليه بنَى البخاري ترتيبه، لكن وقع في مسلمٍ من رواية سعدِ بْنِ عبيدةَ عن ابن عمرَ بتقديم الصومِ على الحَجِّ .. ). فهل الشيخ يقول في ابن عمر ما قاله في مالك الدار؟!. خذْ مثالاً آخر، قال الحافظ في (الفتح 1/ 101): (وهذه المرأة وقع في رواية مالك المذكورة أنها من بني أسدٍ ولمسلمٍ من رواية الزُّهريِّ عن عروةَ في هذا الحديث أنها الحَوْلاء بالمهملةِ والمدِّ .. ).

فهل عروة مجهول عند الحافظ. لا .. بل ما أراد الحافظ إلا أن يذكر طريق الحديث.

الوجه الثاني: إن مالك الدار رجل ثقة ليس مجهولاً كما قرر الشيخ الألباني في كتابه (التوسل: أنواعه وأحكامه) بل هو ثقة معروف كما قال علماء الجرح والتعديل. ولا يقدح فيه عدم معرفة ابن أبي حاتمٍ به ولا المنذري لأن عدم العلم ليس دليلاً على العدم. وفيما يلي نقلٌ لتويثق أئمة الجرح والتعديل لمالك الدار مما يدلُّ على أن الرجلَ غير مجهول:

1 - قال ابن سعدٍ في (الطبقات الكبرى 5/ 12): (مالك الدار مولى عمرَ بنِ الخطاب ... وروى مالك الدار عن أبي بكر الصديق وعمرَ رحمهما الله، روى عنه أبو صالح السمان وكان معروفاً). فهذه شهادة من هذا الإمام كافية في توثيق الرجل حيث قال عنه – أي عن ابن سعد - الحافظ في (تهذيب التهذيب 9/ 161): (صاحب الطبقات وأحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرِّين).

2 - الإمام أبو يعلى الخليلي القزويني في كتاب (الإرشاد في معرفة علماء الحديث 1/ 313): (مالك الدار مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تابعيٌّ قديمٌ متَّفق عليه، أثنى عليه التابعون. وليس بكثير الرواية روى عن أبي بكر الصديق وعمر).

3 - أورده الإمام ابن حبان في (الثقات 5/ 384) وقال عنه: (مالك بن عياضٍ الدار يروي عن عمر بن الخطاب. روى عنه أبو صالح السمَّان، وكان مولى لعمرَ بْنِ الخطَّابِ. أصله من جبلان).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير