تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وثم عَجب من الحاكم تعصُبه عفا الله عنا وعنه فإن الحاكم فيما أخبرنا به عنه بحق إجازته منه أبو بكر أحمد بن علي الأديب في هذا الكتاب ذكر الإمام الثاني للطبقة الحادي عشرة من رُواة الآثار ومعرفة الحديث وحفظه وعلله وعدالة الرواة وجرحهم أبو الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني رضي الله عنه صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإماماً في القراء والنحويين أول ما دخلت بغداد كان يحضر المجالس وسِنه دون الثلاثين وكان أحد الحفاظ ثم صحبنا في رحلتي الثانية وقد زاد على ما كنت شاهدته فحج شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذُهل سنة ثلاث وخمسين وانصرف فكان نصف حفظه وتفرده بالتقدم حتى استكثرته في وصفه إلى أن حججت سنة تسع وستين

فانصرفت إلى بغداد فأقمت بها زيارة على أربعة أشهر وكثر اجتماعنا بالليالي فصادفته فوق ما كان وصف الشيخ أبو عبد الله وسألته عن العلل والشيوخ ودونت 5ب أجوبته عن سؤالاتي وقد سمعها مني أصحابي

سمع أبا القاسم ابن بنت منيع وأقرانه بالعراقين ثم أهل الشام ومصر على كبر السن وحج واستفاد وأفاد وله مصنفات كثيرة مفيدة يطول ذكره وأنا ذكر بمشيئة الله عز وجل من كلامه ما يستدل به على تقدمه في هذا العلم 0

قال الحاكم ورد علينا كتاب شيخنا أبي عبد الرحمن السُلمي- سَلمه الله - من مدينة السلام يذكر بخط يده وفاة الشيخ الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمة الله عليه يوم الخميس لثمان خلون من ذي القعدة من سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وَرَدَ عليّ هذا الكتاب غداة يوم الاثنين السابع عشر من المحرم من سنة


أطراف الغرائب والأفراد ج:1 ص:47

ست وثمانين وقد قعدت للإملاء فكثر الدعاء والبكاء ثم أمليت عنه حديثاً وذكرت بعده تاريخ وفاته من خط أبي عبد الرحمن ثم شهدت ما يفيد أنه لم يخلف على أديم الأرض مثله في معرفة حديث رسول رب العالمين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين وكذلك في حديث أصحابه المنتخبين والأئمة من التابعين واتباع التابعين رضي الله عنهم أجمعين قال الحاكم حدثنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة وقيس عن 6أ حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة عن النبي قال ((من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين)) (1)
فسمعت أبا الحسن يقول أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن شعبة وقيس
فظاهر هذا الخبر يدل على أن كل من روى عن النبي حديثاً هو شاك فيه أصحيح هو أو غير صحيح يكون كأحد الكاذبين إذا لم يقل وهو يستيقن أنه كذب والتحرز
ومن مثل ذلك كان الخلفاء الراشدون المهديون والصحابة المنتجبون رضي الله عنهم يتقون كثرة الحديث عن رسول اللهِ ويتشددون في ذلك منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود والمقداد بن الأسود وأبو أيوب الأنصاري وثوبان مولى رسول الله وزيد بن أرقم وأنس بن مالك وعمران بن حصين وأبو هريرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبو الدرداء وأبو قتادة وقرظة بن كعب وغيرهم وكان أبو بكر وعمر يطالبان من روى لهما حديثاً عن رسول الله لم يسمعاه منه بإقامة البينة عليه ويتواعدانه في ذلك
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يستحلف عليه
وكان عبد الله بن مسعود يتغير عند ذكر الحديث عن رسول الله وتنتفخ أوداجه ويسيل عرقه وتدمع عيناه ويقول أو قريباً من ذلك أو نحو ذا أو شبه هذا كله خوف من الزيادة والنقصان أو السهو والنسيان واحتياطاً للدين وحفظاً للشريعة وحسماً لطمع طامع أو زيغ زائغ أن يجترئ فيحكى عن رسول الله مالم يقله أو يدخل في الدين ما ليس منه وليقتدي بهم من يسمع منهم ويأخذ عنهم فيقفوا أثرهم ويسلك طريقهم فاتبعهم على ذلك جماعة من صالحي التابعين فاقتفوا آثارهم واتبعوا طريقتهم في الذب عن السنن والبحث عن رواتها والتوقي في أدائها منهم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير