[الإغاثة بطرق حديث لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة]
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[22 - 09 - 05, 10:42 ص]ـ
عن هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، قال: قال حذيفة لعبد الله: الناس عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تغير! وقد علمتَ أن رسول الله الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
" لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومسجد بيت المقدس ".
قال عبد الله: لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت وأصابوا.
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (4/ 20)، قال: حدثنا محمد بن سنان الشيرزي، قال: حدثنا هشام بن عمار، به.
ومحمد بن سنان الشيرزي، قال الذهبي: " صاحب مناكير، يُتأنى فيه "، وأقره ابن حجر، (الميزان 6/ 180، واللسان 6/ 261).
وأما هشام بن عمار، فقال ابن معين: " صدوق " (نقله المزي في تهذيب الكمال 30/ 247).
وكذا قال أبوحاتم (الجرح والتعديل 9/ 66).
وقال النسائي: " لا بأس به " (نقله المزي في تهذيب الكمال 30/ 248).
وقال الدارقطني: " صدوق، كبير المحل " (نقله المزي في تهذيب الكمال 30/ 248).
ولكن قال أحمد: " طياش خفيف " (العلل رواية المروذي ص 103).
وقال أبوحاتم: " لما كبر تغير، وكلما دفع اليه قرأه، وكلما لُقِّن تلقن، وكان قديماً أصح؛ كان يقرأ من كتابه " (الجرح والتعديل 9/ 66، وانظر: علل الحديث 2/ 383 و 3/ 78 و149).
وتابع هشامَ بن عمار: محمد بن الفرج بن عبد الوارث.
أخرجه الإسماعيلي في " معجم الشيوخ " (3/ 720 - 721)، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن أحمد الوشاء، قال: حدثنا محمد بن الفرج، به.
و العباس بن أحمد الوشاء هذا مجهول الحال، وأما قول الخطيب: " كان أحد الشيوخ الصالحين " (تاريخ بغداد 12/ 151)، فإنما يرفع جهالة عينه فقط، والله أعلم.
وتابعهما: محمود بن آدم المروزي.
أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (4/ 316)، والذهبي في " سير أعلام النبلاء " (15/ 81).
وقال الذهبي: " صحيح غريب عال "!
ومحمود بن آدم هذا لم يوثقه سوى ابن حبان (الثقات 9/ 202)، ولم يخرج له البخاري شيئاً كما جزم به ابن حجر (هدي الساري ص 253).
وتابعهما: سعيد بن منصور.
أخرجه ابن الجوزي في " التحقيق " (2/ 109 / 1181)، ولكن بلفظ:
" لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة "، أو قال: " مسجد جماعة ".
فقال ابن حزم: " هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشك، ولو أنه -عليه السلام- قال: " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة "؛ لحفظه الله –تعالى- علينا " (المحلى 5/ 195)!!
وكذا قال الشوكاني (نيل الأوطار 4/ 360)!!.
قلت: هذا الشك إنما وقع في رواية سعيد بن منصور وحده، فالشك منه أو ممن دونه، فلا يرد الحديث بمثل ذلك.
وخالفهم عبد الرزاق الصنعاني، فرواه في " المصنف " (4/ 384): عن ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، قال: سمعت أبا وائل، يقول: قال حذيفة لعبد الله: قوم عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تنهاهم!
فقال له عبد الله: فلعلهم اصابوا وأخطأت وحفظوا ونسيت.
فقال حذيفة: " لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة: مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد إيلياء ".
ومن طريقه: أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (9/ 302).
وتابع عبدَ الرزاق: محمد بن يحيى بن أبي عمر.
أخرجه الفاكهي في " أخبار مكة " (2/ 149 / 1334).
ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، قال: " اختلفت إلى ابن عيينة ثمانية عشر سنة " (نقله ابن حجر في تهذيب التهذيب 5/ 332).
وقال أحمد بن سهل الإسفرائيني: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عمن نكتب؟ فقال: " أما بمكة فابن أبي عمر " (نقله المزي في تهذيب الكمال 26/ 641).
ووثقه ابن حبان (الثقات 9/ 98).
وقال مسلمة: " لا بأس به " (نقله ابن حجر في تهذيب التهذيب 5/ 332).
ولكن قال أبوحاتم: " كان رجلاً صالحاً، وكان به غفلة، ورأيت عنده حديثاً موضوعاً حدّث به عن ابن عيينة، وهو صدوق " (الجرح والتعديل 8/ 124، والحديث المشار إليه في علل الحديث 4/ 75).
وتابعهما: سعيد بن عبد الرحمن المخزومي.
أخرجه الفاكهي في " أخبار مكة " (2/ 149 / 1334).
وسعيد بن عبد الرحمن، قال مسلمة: " ثقة في ابن عيينة " (نقله ابن حجر في تهذيب التهذيب 2/ 318 عن كتاب الصلة).
ووثقه النسائي، وابن حبان (تهذيب الكمال 10/ 526 والثقات 8/ 270).
فالمحفوظ الوقف، ويشهد له ما رواه: سفيان الثوري، عن واصل الأحدب، عن إبراهيم، قال: جاء حذيفة إلى عبد الله، فقال: ألا أعجبك من قومك عكوف بين دارك ودار الأشعري -يعني: المسجد-!
قال عبد الله: ولعلهم أصابوا وأخطأت.
فقال حذيفة: " أما علمت أنه لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ".
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/ 327)، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، به.
وتابع وكيعاً: عبد الرزاق في " المصنف " (4/ 347)، ومن طريقه الطبراني في " المعجم الكبير " (9/ 301).
وتابعهما: أبونعيم الفضل بن دكين.
ولكن بلفظ: " لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (9/ 301)، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبونعيم، به.
وعلي بن عبدالعزيز، قال الدارقطني: " ثقة مأمون ".
وإبراهيم النخعي لم يدرك ابن مسعود، ولكنه قال: " إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله؛ فهو الذي سميت، وإذا قلت: قال عبد الله؛ فهو عن غير واحد عن عبد الله " (أخرجه الترمذي في العلل 5/ 755 بإسناد صحيح).
فالمحفوظ الموقوف على حذيفة بفظ: " لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة "، وأما المرفوع فمنكر أو شاذ.
فهذا قول لحذيفة خالفه فيه من هو أفقه منه، وهو: ابن مسعود، وعلى هذا كان هدي الصحابة والتابعين إلا ما روي عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح.
والحمد لله رب العالمين
وكتب: محمد بن عبده آل محمد، صبيحة الخميس، 18 / شعبان / 1426 هـ
¥