تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أجمع العلماء على أن ما جاءنا عن بني إسرائيل على ثلاثة أقسام:

- ما يوافق شرعنا , فهو مقبول.

- ما يخالف شرعنا , فهو مردود.

- ما لم يوافق شرعنا ولم يخالفه , وهو المسكوت عنه , فهذا يُروى ولا يُطوى , على سبيل الاستشهاد لا الاعتقاد , ولا نصدقهم فيه ولا نكذبهم؛ كما أمر به الحديث.

الوقفة الأولى:

الإسرائيليات هي كل ما رُوي عن بني إسرائيل من كتبهم أو عن علمائهم.

وهي نسبة إلى " إسرائيل " وهي في العبرية: عبد الله , أو صفوة الله .. , وهو نبي الله يعقوب عليه السلام {كل الطعام كان حلاًّ لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه .. الآية}.

وكل ما كان عن بني إسرائيل – سواءً من كتبهم أو علمائهم , داخل في مسمى الإسرائيليات (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) البخاري.

الوقفة الثانية:

قد يُراد بالإسرائيليات أعم ممّا يُذكر عن اليهود , كأخبار النصارى , أو ما يورد عمّن يطعنون في الإسلام , أو ما يكون من قبيل الموضوعات في التفسير , كقصة زينب بنت جحش رضي الله عنها عند قوله تعالى {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه .. الآية} [الأحزاب37] , أو قصة الغرانيق , وغيرها.

ولمّا كان الأصل في ذلك اليهود – بني إسرائيل – وأكثره عنهم , ولهم يدٌ فيما عدا ذلك عُمِّمَ مصطلح " الإسرائيليات " على: كلِّ دخيلٍ في التفسير , وهذا التعميم أَثَّر على الحكم على الإسرائيليات بالمعنى الخاص - كما سيأتي -.

الوقفة الثالثة:

هل هناك فائدة في التفريق بين الإسرائيليات التي مصدرها أخبار بني إسرائيل , وبين ما سُمّيَ بذلك مما ليس عنهم؟

التفريق بين الإسرائيليات التي مصدرها أخبار بني إسرائيل , وبين ما سُمّيَ بذلك مما ليس عنهم يفيد كثيراً في الحكم على الخبر؛ فالدخيل في التفسير مما ليس عن بني إسرائيل مردود في الجملة – كقصة الغرانيق مثلاً - , وأما ما ورد عن بني إسرائيل فيدخل في النصوص الشرعية الواردة كـ (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) وغيره.

الوقفة الرابعة:

تعامل الصحابة رضي الله عنهم مع الإسرائيليات في حدود الإذن الشرعي , وفي إطار (الاستشهاد لا الاعتقاد) , وهم عند نقلهم لها في الغالب يسألون ويتحرون عمّا في التوراة يقيناً , لا مجرد ما يتناقله أهل الكتاب , فعند سؤالهم لكعب الأحبار مثلاً تجدهم يقولون: هل تجد في التوراة؟ , أو يقول: قرأت في التوراة .. . ثم قد يكون الجواب محل نقاش أيضاً.

وهذا نوعٌ عالٍ من التوثق في نقل الإسرائيليات , يفيدهم عند وضعها في موضعها من التفسير.

وينبغي عند حديثنا عن الإسرائيليات أن نجعل فعل الصحابة رضي الله عنهم , وموقفهم من رواية الإسرائيليات نصب أعيننا , ولا تجرنا العاطفة وموقف العِدَاء الشرعي من اليهود , إلى تجاوز النص الشرعي , وتعامل الصحابة معه.

وهاهنا مُسَلَّمةٌ لا شك فيها وهي:

((أن ما صح عن الصحابة من الإسرائيليات هو مما يوافق شرعنا , أو من المسكوت عنه , مما لا يوافق أو يخالف شرعنا))

وكلاهما مقبول , بل إن رواية الصحابي لخبر بني إسرائيل المسكوت عنه يكاد يوصله إلى ما يوافق شرعنا.

فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل.

ولا ينقضي عجبي وألمي ممن يحاول تجريد كتب التفسير من هذه الروايات الإسرائيلية , بزعم أنها غير مفيدة في التفسير , أو إنها من دسائس أعداء الإسلام التي انطلت على المسلمين!!.

وهل تأمل هذا القائل كيف انطلت هذه الدسائس على الصحابة والتابعين وأئمة المفسرين الذين هم علماء الأمة ونبهائها , ثم فتح الله عليه فاكتشفها هو في هذا العصر العظيم!!.

وقد بدت بوادر هذا المسلك في عدد كبير من الرسائل العلمية في الأزهر سجلت بعنوان " الدخيل في التفسير " , لمهمة التجريد السابقة الذكر , وبدون استثناء في مادة الإسرائيليات , سواءً عن الصحابة أو غيرهم , وقد تناولت هذه الرسائل كتب التفسير من لَدُن ابن جرير , في أكثر من ثلاثين رسالة علمية , وهناك محولات لتسجيل رسائل علمية في بعض جامعات المملكة في نفس الموضوع , وقد وقفت على بعض الرسائل بهذا العنوان , والله المستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير