تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 – متابعة أسامة بن حفص: وصلها المصنف في كتاب الأضاحي، قال البخاري:

" ثنا محمد بن عبد الله، ثنا أسامة بن حفص المديني عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة – رضي الله عنها – أن قوماً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: " إن قوماً يأتوننا … ".

تابعه علي عن الدراوردي، وتابعه أبو خالد والطفاوي ().

وأسامه بن حفص شيخ لم يزد البخاري في ترجمته في التاريخ الكبير على ما في هذا الحديث حيث قال: " أسامة بن حفص المديني، عن هشام بن عروة سمع منه محمد بن عبد الله " ().

ولم يذكره أبو حاتم في كتابه، وقال فيه الذهبي: " صدوق، ضعفه أبو الفتح الأزدي بلا حجة، وقال اللالكائي: مجهول، قلت روى عنه أربعة " () يعني انتفت عنه الجهالة بذلك، فمثله يصلح للمتابعة.

لهذه المتابعات صحح الإمام البخاري هذا الحديث وأورده في كتابه محتجاً به مستنبطاً منه مسائل في الفقه والعقيدة، وقد أخذ منه الحافظ ابن حجر أن تقوية الحديث الذي يرويه الضعيف إذا كانت له متابعات هو أمر يشهد له صنيع البخاري، قال – رحمه الله –: (ص 151)

" ويؤخذ من صنيعه أنه وإن اشترط في الصحيح أن يكون راويه من أهل الضبط والإتقان أنه إن كان في الراوي قصور عن ذلك، ووافقه على رواية ذلك الخبر من هو مثله انجبر ذلك القصور بذلك، وصح الحديث على شرطه " ().

الحديث الثاني:

قال الإمام البخاري: " حدثنا محمد بن المقدام العجلي حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي حدثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعطيت مفاتيح الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم البارحة إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض حتى وضعت في يدي" ().

وطريق الطفاوي هذا قال فيه البغوي فيما ذكر عنه الإسماعيلي: " لا أعلم حدث به عن أيوب غير محمد بن عبد الرحمن " ()، وهذا الحكم من مثل هذا الإمام له قيمته العلمية لأنه مبني على التتبع والاستقراء لذا لم يذكر الحافظ في مقدمة الفتح متابعات لحديث الطفاوي وكذا لم يفعل في شرحه لهذا الحديث في الفتح، مع سعة إطلاع الحافظ – رحمه الله – وتبحره في معرفة الطرق والروايات، وشدة دفاعه عن الصحيح ورجاله، ومن هنا أستطيع أن أقول إن هذا الحديث لو طبقنا عليه قواعد المصطلح بخصوص إسناده لحكمنا عليه بالغرابة والضعف، لكن الإمام البخاري أورده في جامعه الذي اشترط فيه الصحة معتمداً عليه، والإمام البخاري لم يحكم على خصوص هذا الإسناد وإنما باعتبار ما لهذا الحديث من شواهد منها:

الشاهد الأول: ما رواه البخاري في كتاب الاعتصام من صحيحه قال: " حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ص 152) " بُعثت بجوامع الكلم … " ().

والشاهد الثاني: ما رواه البخاري في كتاب الجهاد من صحيحه قال: " حدثنا يحي بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بعثت بجوامع الكلم ونُصرت بالرعب … " ().

فهذه الشواهد أو بعبارة أدق هذه المتابعات القاصرة، تدل على أن هذا الحديث محفوظ عن أبي هريرة يرويه عنه محمد بن سيرين وسعيد بن المسيب.

ويرويه عن سعيد بن المسيب، ابن شهاب الزهري، ويرويه عن الزهري، إبراهيم بن سعد وعقيل.

وأما محمد بن سيرين فيرويه عنه أيوب، ولم يروه عن أيوب إلا الطفاوي كما تقدم.

فأصل الحديث إذن ثابت وصحيح لا مرية فيه.

لكن ما هو الغرض العلمي الذي دفع البخاري إلى إخراج هذا الحديث من طريق الطفاوي؟ ظهر لي غرضان هما:

أولاً: هذا الإسناد رواته كلهم بصريون، كما صرح به الحافظ وكما يعلم من تراجمهم، إذن فهذا الإسناد وإن كان فيه تفرد محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن أيوب، الذي قد يثير شبهة الغرابة، وخاصة أن المتفرد ليس من الحفاظ، لكن لما كان هذا المتفرد إنما انفرد به شيخه وبلديه، والحديث مشهور بالبصرة متداول بين علمائها، فهذه الشهرة تدفع تلك الغرابة الآتية من تفرد الطفاوي به. (ص 153)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير