تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أحمد المحيل]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:08 ص]ـ

وهذه أيضا (مفيده):

قال الإمام الحافظ ابن كثير في كتابه الماتع (البداية والنهاية 9/ 175):-

وقال المعافى بن زكريا الجريري المعروف بابن طرار البغدادي ثنا محمد بن القاسم الأنباري ثنا أبي ثنا أحمد بن عبيد ثنا هشام أبو محمد بن السائب الكلبي ثنا عوانه بن الحكم الكلبي قال

دخل أنس بن مالك على الحجاج بن يوسف، فلما وقف بين يديه، قال له: إيه، إيه يا أنيس، يوم لك مع علي، ويوم لك مع ابن الزبير، ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصلنك كما تستأصل الشاة، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة.

فقال أنس: إياي يعني الأمير أصلحة الله!

قال: إياك أعنى صك الله سمعك!

قال أنس: إنا لله وإنا إليه راجعون! والله لولا الصبية الصغار، ما باليت أي قتلة قتلت، ولا أي ميتة مت.

ثم خرج من عند الحجاج، فكتب إلى عبد الملك بن مروان، يخبره بما قال له الحجاج، فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس، استشاط غضبا، وشفق عجبا وتعاظم ذلك من الحجاج.

وكان كتاب أنس إلى عبد الملك:-

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى عبد الملك بن مروان، أمير المؤمنين، من أنس بن مالك.

أما بعد؛ فإن الحجاج قال لي هُجرا، وأسمعني نُكرا، ولم أكن لذلك أهلاً، فخذلنى على يديه، فإني أمت بخدمتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحبتي إياه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فبعث عبد الملك، إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر – وكان مصادقا للحجاج – فقال له: دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد إلى العراق، وابدأ بأنس بن مالك صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فارفع كتابي إليه، وأبلغه مني السلام، وقل له: يا أبا حمزة! قد كتبت إلى الحجاج الملعون كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك.

وكان كتاب عبد الملك إلى أنس بن مالك:-

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الملك بن مروان، إلى أنس بن مالك، خادم رسول الله – صلى الله عليه وسلم –

أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت من شكايتك الحجاج، وما سلطته عليك، ولا أمرته بالإساءة إليك، فإن عاد لمثلها، اكتب إلي بذلك أنزل به عقوبتي، وتحسن لك معونتي، والسلام.

فلما قرأ أنس كتاب أمير المؤمنين، وأخبر برسالته، قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا، وعافاه، وكفاه، وكافأه بالجنة، فهذا كان ظني به، والرجاء منه.

فقال إسماعيل بن عبيد الله لأنس: يا أبا حمزة! إن الحجاج عامل أمير المؤمنين، وليس بك عنه غنى، ولا بأهل بيتك، ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك فقاربه وداره، تعش معه بخير وسلام.

فقال أنس: أفعل إن شاء الله.

ثم خرج إسماعيل من عند أنس، فدخل على الحجاج، فقال الحجاج: مرحبا برجل أحبه، وكنت أحب لقاه.

فقال إسماعيل: أنا والله كنت أحب لقاءك في غير ما أتيتك به، فتغر لون الحجاج، وخاف.

وقال: ما أتيتني به.

قال: فارقت أمير المؤمنين، وهو أشد الناس غضبا عليك، ومنك بعدا.

قال: فاستوى الحجاج جالسا مرعوبا، فرمى إليه إسماعيل بالطومار، فجعل الحجاج ينظر فيه مرة ويعرق، وينظر إلى إسماعيل أخرى، فلما فضه، قال: قم بنا إلى أبي حمزة، نعتذر إليه ونترضاه.

فقال له إسماعيل: لا تعجل.

فقال: كيف لا أعجل، وقد أتيتني بآبدة.

وكان في الطومار:-

بسم الله الرحمن الرحيم، من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، إلى الحجاج بن يوسف، أما بعد: فإنك عبد طمت بك الأمور، فسموت فيها، وعدوت طورك، وجاوزت قدرك، وركبت داهية إدًّا، وأردت أن تبدوا لي فإن سوغتكها مضيت قدما، وإن لم أسوغها رجعت القهقرى، فلعنك الله من عبد أخفش العينين، منفوص الجاعرتين، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الآبار، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل، يا ابن المستفرية بعجم الزبيب، والله لأغمرنك غمر الليث الثعلب، والصقر الأرنب، وثِبْتَ على رجُلٍ من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبن أظهرنا، فلم تقبل له إحسانه، ولم تتجاوز له عن إساءته، جراءة منك على الرب عز وجل، واستخفافا منك بالعهد، والله لو أن اليهود والنصارى رأت رجلا خدم عزير بن عزري، وعيسى بن مريم، لعظمته وشرفته وأكرمته وأحبته، بل لو رأوا من خدم حمار العزير، أو خدم حواري المسيح، لعظموه وأكرموه؛ فكيف وهذا أنس بن مالك، خادم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عشر سنين، يطلعه على سره، ويشاوره في أمره، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحابه، فإذا قرأت كتابي هذا، فكن أطوع له من خفه ونعله، وإلا أتاك مني سهم بكل حتف قاض، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.

وقد تكلم ابن طرار على ما وقع في هذا الكتاب من الغريب، وكذلك ابن قتيبة وغيرهما من أئمة اللغة، والله أعلم.


أخوكم أحمد المحيل
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير