12 ــ وأخرج البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (المتوفى في جمادى الأولى 458هـ) قال: أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو عمرو بن مطر، أنا محمود بن محمد الواسطي، نا عثمان بن أبي شيبة، وساق الإسناد عن جرير. ولفظه: "لا تقبحوا الوجه؛ فإن الله خَلَقَ آدم على صورة الرحمن" [86].
13 ــ وأخرج القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد الفراء (المتوفى في رمضان 458هـ) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر البغدادي الزاهد قال: نا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: نا أبو العباس البرائي، وساق الإسناد عن عثمان بن أبي شيبة. ولفظه مثل لفظ أبي بكر البيهقي سواء بسواء [87].
14 ــ وأخرج القاضي أبو يعلى قال: حدثنا أبو القاسم قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم ابن موسى الموصلي السكوني قال: نا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان المقري قال: نا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: نا أبو معمر، وساق الإسناد عن جرير بن عبد الحميد ولفظه: "لا تقبحوا الوجه؛ فإن الله خَلَقَ آدم على صورته" [88].
15 ــ وأخرج عبد الله بن عدي قال: حدثنا عيسى بن محمد الختلي: ثنا أبو عقيل يحيى إسماعيل بن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، ثنا فردوس بن الأشعري، ثنا كامل، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ: "لا تُقَبِّحُوا الوجه؛ فإنَّ الله خَلَقَ آدم على صورته" [89].
وهذه الروايات جميعا ترجع إلى أصل واحد هو رواية حبيب بن أبي ثابت عن عطاء بن أبي رباح، كما أشرت من قبل. وقد رَوَى عن حبيب ثلاثة رواةٍ: أولهما أبو عبد الله الكوفي سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (ت 161هـ). والثاني أبو محمد الكوفي الأعمش سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي (المتوفى سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة). والثالث أبو العلاء الكوفي كامل بن العلاء التميمي.
وإذا تأملنا موارد لفظ "على صورة الرحمن" في الروايات السابقة؛ فسنجد أنه ورد من طريقي سفيان الثوري والأعمش فقط، ولقد اختلفا في الإسناد فأرسله سفيان قال: عن حبيب، عن عطاء قال: قال رسول الله ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ. ووصله الأعمش فقال: عن حبيب، عن عطاء، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ.
ولما كان سفيان الثوري الثقة الحافظ الفقيه العابد الإمام الحجة [90]ــ أوثق من الأعمش وهو ثقة حافظ أيضا [91]، وكانت مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه شذوذا؛ فإن رواية الأعمش المتصلة شاذة الإسناد. وقد أعلَّ ابن خزيمة رواية الأعمش بهذه المخالفة [92]، وأضاف إليها علتين أخريين: أولاهما: عنعنة الأعمش، وهو مدلس لم يصرح بالسماع عن حبيب. والثانية: عنعنة حبيب، وهو مدلس أيضا [93]، وقد استشهد ابن خزيمة في بيان تدليس حبيب بما سمعه من إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش قال: قال حبيب: لو حدثني رجل عنك بحديث؛ لم أبال أن أرويه عنك. يريد لم أبال أن أدلسه [94].
وإعلال الإسناد بعنعنة الأعمش مشهور عند علماء الحديث؛ فقد روى الذهبي في ترجمة ابن راهويه من طريقه: أخبرنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ قاعدا تحت نخلة، فهامت ريح؛ فقام فزعا. فقيل له. فقال: "إني تخوفت الساعة".
قال الذهبي: إسناده ثقات؛ لكن الأعمش مدلس، مع أنه قد رأى أنس بن مالك وحكى عنه [95].
أما عنعنة الأعمش ــ على تدليسه ــ في الصحيحين فلقبولها اعتبارات؛ منها ثبوت سماع الأعمش من طريق آخر، أو وجود متابعة صحيحة له ... إلى غير ذلك من الوجوه المحتملة.
ومما يقوي رواية سفيان المرسلة أن بعض علماء الحديث الكبار صرحوا بأن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من ابن عمر ــ رضي الله عنهما. قال ابن حجر: "قال ابن أبي حاتم في "المراسيل": قال أحمد بن حنبل: لم يسمع عطاء من ابن عمر. وقال علي بن المديني: وأبو عبد الله رأى ابن عمر ولم يسمع منه، ورأى أبا سعيد الخُدْرِيّ يطوف بالبيت ولم يسمع منه ... " [96].
¥