تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولسنا هنا بصدد بيان مفهوم الحديث عند الحافظ، وقد تردد فيه بين أكثر من رأي في مواضع متفرقة من "فتح الباري ... "؛ لكن الذي يشغلنا في هذا المقام كلامه عن روايتي "صورة وجه الرحمن" من طريق الأعمش في حديث ابن عمر، ومن طريق ابن لهيعة في حديث أبي هريرة.

والظاهر من كلام ابن حجر الحكم بصحة إسناد رواية الأعمش عند ابن أبي عاصم من طريق يوسف بن موسى عن جرير، وعند الطبراني من طريق إسحاق بن إسماعيل الطالقاني عن جرير؛ فهو يرى أن رجال الإسنادين ثقات، وهو بعد ذلك يعتبر رواية ابن لهيعة عن أبي يونس عند ابن أبي عاصم شاهدا من حديث أبي هريرة؛ لكن سبق لنا بيان اعتلال روايات حديث جرير عن الأعمش، وكذلك بيان ضعف ابن لهيعة وحديثه عن أبي يونس، وشذوذ روايته عن الأعرج أو نكارتها عند الدارقطني. وهذه الروايات المُعَلَّةُ بمخالفة المحفوظ الصحيح بالإضافة إلى علل الإسناد القادحة في المتن ــ لا يتقوى بعضها ببعض مع وجود الصحيح المعارض في الدلالة، وقد سبق لنا بيان تقسيم روايات حديث "خلق الله آدم على صورته" إلى مقامين: أولهما: مقام الكلام عن هيئة آدم ــ عليه السلام ــ عند خلقه، وفيه يعود الضمير إلى آدم. والثاني: مقام النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه، وفيه يعود الضمير إلى المنهي عن ضرب وجهه وتقبيحه من بني آدم.

وعلى هذا يكون لنا أكثر من حجة في إنكار صحة روايات "صورة الرحمن"، وفي الدلالة على بطلان الاحتجاج بها في عود الضمير إلى الله ــ تعالى ــ في لفظ الصحيح "على صورته". ويمكننا أن نقرر في اطمئنان أن هذا الحديث لا يعد من أخبار الصفات التي يجب إمرارها كما جاءت مع الإيمان والتسليم، ولنا أن نستأنس في ذلك بتراجم أبواب صحيح البخاري وترتيب صحيح مسلم؛ فإنهما خرَّجاه بِمَعْزِلٍ عن أخبار التوحيد والصفات [179].

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب ..


[1]- هو الشيخ حمود بن عبد الله بن حمود التويجري.

[2]- راجع الشيخ حماد بن محمد الأنصاري: تعريف أهل الإيمان بصحة حديث "صورة الرحمن".

[3]- راجع الجويني (إمام الحرمين): الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد – ص163، 164.

[4]- مثل: تحفة الأشراف، ومفتاح كنوز السنة، وفهرس ألفاظ الحديث، وموسوعة الأطراف، وبعض فهارس كتب الحديث والشروح والرجال المحققة…

[5]- أعني تقنية برامج موسوعات الحديث النبوي.

[6]-راجع الذهبي: ميزان الاعتدال في نقد الرجال – 2/ 419، 420.

[7]-الإمام أحمد: المسند - 2/ 315. وهو بهذا الإسناد ودرجته من العلو في مصنف عبد الرزاق: "أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ... انظر "المصنف" لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211هـ) – 10/ 384 - ح 19435.

[8]- الإمام البخاري: الصحيح – كتاب الاستئذان - باب بدء السلام.

[9]- الإمام مسلم: الصحيح – كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها – باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير.

[10]- الإمام ابن خزيمة: التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل – 1/ 93،94.

[11]- الإمام أحمد: المسند – 2/ 323. وراجع كلام الشيخ أحمد محمد شاكر على إسناده – 16/ 127.

[12]- ابن خزيمة: التوحيد – 1/ 92،93.

[13]- الدارقطني: الصفات – ص63،64 – ح47. تحيق د/ علي بن محمد بن ناصر الفقيهي. وقد يضعف إسناد هذا الحديث عند أحمد وابن خزيمة والدارقطني برواية موسى بن أبي عثمان عن أبيه التَّبان؛ فهما راويان "مقبولان" عند ابن حجر في "تقريب التهذيب" – ص 484 رقم6990، ص 579 رقم8242. والراوي المقبول في "التقريب": ليّن إذا لم يتابع؛ لكن الحديث سبقت له متابعة صحيحة. وموسى وثقه الذهبي في "الكاشف عمن له رواية في الكتب الستة – 3/ 165." – 3/ 165. وأبو عثمان التَّبان حسنه الترمذي وذكره ابن حبان في "الثقات" كما جاء في "تهذيب التهذيب" لابن حجر – 12/ 164.

[14]- انظر الإمام شرف الدين حسين بن محمد بن عبد الله الطيبي (ت 743هـ): الكاشف عن حقائق السنن (شرح مشكاة المصابيح) – 9/ 6. تحقيق المفتي عبد الغفار بالاشتراك.

[15]- البخاري: الصحيح – كتاب أحاديث الأنبياء – باب خلق آدم وذريته.

[16]- السابق نفسه.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير