تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَعَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ أَسْرَعُوا، وَأَدْرَكْتَ أَوْتَارَ مَا طَلَبُوا، وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا، كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً وَنَهْباً، وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَمَداً وَحِصْناً، فَطِرْتَ وَالله بِنَعْمَائِهَا، وَفُزْتَ بِحِبَائِهَا، وَأَحْرَزْتَ سَوَابِغَهَا، وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، وَلَمْ تَخِرَّ، كُنْتَ كَالْجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلام: آمَنَ النَّاسِ فِي صُحْبَتِكَ، وَذَاتِ يَدِكَ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلام: ضَعِيفاً فِي بَدَنِكَ، قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللهِ، مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيمَاً عِنْدَ الله، كَبِيرَاً فِي الارْضِ، جَلِيلاً عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلا لأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلا لأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ، فِيمَا فَعَلْتَ، وَقَدْ نَهَجَ السَّبِيلُ، وَسَهُلَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَقَوِيَ بِكَ الإِسْلامُ، فَظَهَرَ أَمْرُ الله وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَثَبَتَ بِكَ الاسْلامُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَسَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيدَاً، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَبَاً شَدِيدَاً، فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الانَامَ، فَإِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ الله قَضَاهُ، وَسَلَّمْنَا لله أَمْرَهُ، فَوَ الله لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بِمِثْلِكَ أَبَداً، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَهْفاً وَحِصْنَاً وَقُنَّةً رَاسِيَاً، وَعَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَغَيْظاً، فَأَلْحَقَكَ الله بِنَبِيِّهِ وَلا أَحْرَمَنَا أَجْرَكَ، وَلا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ، وَسَكَتَ الْقَوْمُ حَتَّى انْقَضَى كَلامُهُ، وَبَكَى وَبَكَى أَصْحَابُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه، ثُمَّ طَلَبُوهُ، فَلَمْ يُصَادِفُوهُ. ( ... )

4 - مَا رَوَاهُ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الاشَجُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ الله الاوْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلام أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ يُوطِئُوهُ الْخَيْلَ، فَقَالَتْ فِضَّةُ لِزَيْنَبَ: يَا سَيِّدَتِي إِنَّ سَفِينَةَ كُسِرَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، فَخَرَجَ إِلَى جَزِيرَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِأَسَدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا مَوْلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه، فَهَمْهَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى وَقَفَهُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَالاسَدُ رَابِضٌ فِي نَاحِيَةٍ، فَدَعِينِي أَمْضِي إِلَيْهِ، وَأُعْلِمُهُ مَا هُمْ صَانِعُونَ غَداً، قَالَ: فَمَضَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْحَارِثِ؛ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَتْ: أَ تَدْرِي مَا يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا غَداً بِأَبِي عَبْدِ الله عَلَيْهِ السَّلام؟، يُرِيدُونَ أَنْ يُوطِئُوا الْخَيْلَ ظَهْرَهُ، قَالَ: فَمَشَى حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى جَسَدِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلام، فَأَقْبَلَتِ الْخَيْلُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ، قَالَ لَهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ: لَعَنَهُ اللهُ، فِتْنَةٌ لا تُثِيرُوهَا، انْصَرِفُوا، فَانْصَرَفُوا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير