تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ أَلْوَانِ النَّكَالِ وَالْعَذَابِ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: مَكَانُ الظَّالِمِينَ لَهُمْ الْمِدَّعِينَ لِمَنْزِلَتِهِمْ فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنْهَا، كُلَّمَا أَرَادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا، وَكُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بُدِّلُوا سِوَاهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ، يَا آدَمُ وَيَا حَوَاءُ، لا تَنْظَرَا إِلَى أَنْوَارِي، وَحُجَجِي بِعَيْنِ الْحَسَدِ، فَأُهْبِطْكُمَا عَنْ جِوَارِي، وَأُحِلَّ بِكُمَا هَوَانِي، فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ. فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ»، وَحَمَلَهُمَا عَلَى تَمَنِّى مَنْزِلَتِهِمْ، فَنَظَرَا إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْحَسَدِ، فَخُذَلا حَتَّى أَكَلا مِنْ شَجَرَةِ الْحِنْطَةِ، فَعَادَ مَكَانَ مَا أَكَلاهُ شَعِيرَاً، فَأَصْلُ الْحِنْطَةِ كُلُّهَا مِمَّا لَمْ يَأْكُلاهُ، وَأَصْلُ الشَّعِيرِ كُلُّهُ مِمَّا عَادَ مَكَانَ مَا أَكَلاهُ، فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما، وَبَقِيَا عُرْيَانَيْنِ، وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ. قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ»، قَالَ: اهْبِطَا مِنْ جِوَارِي، فَلا يُجَاوَرَنِي فِي جَنَّتِي مَنْ يَعْصِينِي، فَهَبَطَا مَوْكُولَيْنِ إِلَى أَنْفُسِهِمَا فِي طَلَبِ الْمَعَاشِ، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمَا جَاءَهُمَا جِبْرَئِيلُ، فَقَالَ لَهُمَا: إِنَّكُمَا إِنَّمَا ظَلَمْتُمَا أَنْفُسَكُمَا بِتَمَنِّي مَنْزِلَةِ مَنْ فُضِّلَ عَلَيْكُمَا، فَجَزَاؤُكُمَا مَا قَدْ عُوقِبْتُمَا بِهِ مِنَ الْهُبُوطِ مِنْ جِوَارِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَرْضِهِ، فَسَلا رَبَّكُمَا بِحَقِّ الأَسْمَاءِ الَّتِي رَأَيْتُمُوهَا عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ حَتَّى يَتُوبَ عَلَيْكُمَا، فَقَالا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ الأَكْرَمِينَ عَلَيْكَ: مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَالأَئِمَّةِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ، إِلا تُبْتَ عَلَيْنَا، وَرَحِمْتَنَا، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِمَا إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، فَلَمْ يَزَلْ أَنْبِيَاءُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْفَظُونَ هَذِهِ الأَمَانَةَ، وَيُخْبِرُونَ بِهَا أَوْصِيَاءَهُمْ وَالْمُخْلِصِينَ مِنْ أُمَّمِهِمْ، فَيَأْبَوْنَ حَمْلَهَا، وَيُشْفِقُونَ مِنْ ادِّعَائِهَا، وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ الَّذِي قَدُ عُرِفَ، فَأَصْلُ كُلِّ ظُلْمٍ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ «إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً».

وأقول: مَهْلاً يَاغُلاةَ الذَّمِّ وَالْقَدْحِ لِرُسُلِ اللهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَأَصْفِيَاءِ اللهِ وَأَوْلِيَائِهِ، أَتَظُنُونَ أَنَّكُمْ بِهَذَا الْبُهْتَانِ وَالتَّجْرِيحِ تَمْدَحُونَ رَسُولَ اللهِ وآلَ بَيْتِهِ، أَوْ تُثْبِتُونَ لَهُمْ فَضْلاً، أَوْ تَرْفَعُونَ لَهُ قَدْرَاً. هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ .. قَدْ ضَلَّ عَمَلُكُمْ، وخَابَ سَعِيُكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ مُنْكَرَاً مِنْ الْقَوْلِ وَزُورَا!. مَا أَجْهَلَكُمْ بِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: ((لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير