تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 ـ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا حَدَّثَ بِهِ فِي الشَّامِ، وَإِنَّمَا تَنَاقَلَهُ وَرَوَّجَهُ أَهْلُ الشَّامِ!، وَأَكْثَرُ رُوَاتِهِ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ بَالْخُصُوصِ، وَهُمْ مِنْ أَنْصَارِ مُعَاوِيَةَ، وَأَشَدُّ أَعْدَاءِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ.

فَبِالنَّظَرِ إِلَى هَذِهِ النَّاحِيَةِ، لا سِيَّمَا مَعَ ضَمِّ النَّظَرِ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ، لا يَبْقَى وُثُوقٌ بِصُدُورِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، إِذْ كَيْفَ يُوثَقُ بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ حِمْصِيٌّ عَنْ حِمْصِيٍّ عَنْ حِمْصِيٍّ!!. وَلا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنْ حَمَلَةِ الْحَدِيثِ وَالأثَرِ عِلْمٌ بِهِ؟!، وَأَهْلُ الشَّامِ قَاطَبَةً غَيْرُ مُتَحَرِّجِينَ مِنْ الافْتِعَالِ لِمَا يَنْتَهِي إِلَى تَشْيِيدِ سُلْطَانِ مُعَاوِيَةَ أَوْ الْحَطِّ مِمَّنْ خَالَفَهُ!.

4 ـ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا أَعْرَضَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَكَذَا النَّسَائِيُّ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ. وَقَدْ بَنَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءَ الْكِبَارِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى عَدَمِ الاعْتِنَاءِ بِحَدِيثِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى الإِعْرَاضِ عَنْهُ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَرْبَابُ السُّنَنِ عَلَى إِخْرَاجِهِ وَالْعِنَايَةِ بِهِ.

قَالَ ابْنُ تَيْمَيَّةَ بِجَوَابِ حَديثِ افْتِرَاقِ الأُمَّةِ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً: «هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، بَلْ قَدْ طَعَنَ فِيهِ بَعْضُ أهْلِ الْحَدِيثِ كَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ قَدْ أَوْرَدَهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ أَهْلُ الْمَسَانِيدِ كَالإِمَامِ أَحْمَدَ».

قُلْتُ: وَمِنْ عَجِيبِ الاتِّفَاقِ أنَّ حَدِيثَ «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي» كَذَلِكَ تَمَامَاً، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، بَلْ قَدْطعَنَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَابْنِ الْقَطَّانِ، وَلَكِنْ قَدْ أَوْرَدَهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ أَهْلُ الْمَسَانِيدِ كَالإِمَامِ أَحْمَدَ، بَلْ إِنَّهُمْ بَنَوْا عَلَى ذلك طَرْحِ الْخَبَرِ إِنْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قُلْتُ: فَكَذَا حَدِيثُنَا .. فَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ لَمْ يَصْبِرْ عَنْ إِخْرَاجِهِ، وَالاحْتِجَاجِ بِهِ. كَيْفَ وَقَدْ تَبِعَهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ بِمَرْأَى وَمَشْهِدٍ مِنْهُمَا؟!، ثُمَّ جَاءَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ، فَأَرَادَ تَوْجِيهَ إِعْرَاضِهِمَا عَنْهُ بِأَنَّهُمَا «تَوَهَّمَا .. »، أَيْ إِنَّ اعْرَاضَهُمَا موهن، وَلَكِنَّهُمَا تَوَهَّمَا، وَلَوْلا ذَلِكَ لأَخْرَجَاهُ. وَسَنَرَى أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الْمُتَوَّهِمُ.

5 ـ ثُمَّ إِنَّ الْمُخَرِّجِينَ لَهُ، مِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهُ كَالتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَكَتَ عَنْهُ كَأَبِي دَاوُدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ فِي الْحِسَانِ كَالْبَغَوِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبُطَلانِ كَابْنِ الْقَطَّانِ)) اهـ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير