تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزعم البعض أن الإمام أحمد قد صححها (مع أنه قد ضعف ابن أبي طلحة نفسه!). قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3

280 ط. الرسالة): حدثنا علي بن الحسين بن عبد الرحمن بن فهم عن أبيه (ضعيف) قال سمعت أحمد بن حنبل يقول: «لولا أن رجلا رحل إلى مصر فانصرف منها بكتاب التأويل لمعاوية بن صالح، ما رأيت رحلته ذهبت باطلة». ورواه أيضا أبو جعفر النحاس في كتاب "الناسخ والمنسوخ" (ص75) قال: وقد حدثني أحمد بن محمد الأزدي قال: سمعت علي بن الحسين يقول: سمعت الحسين بن عبد الرحمن بن فهم يقول: سمعت أحمد بن حنبل –رحمه الله– يقول: «بمصر كتاب التأويل عن معاوية بن صالح، لو جاء رجل إلى مصر فكتبه ثم انصرف به، ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلا». وأجيب عن هذا بأنه لا يثبت عن الإمام أحمد. فالراوي مجهول، وأبوه ضعفه الدراقطني وهو الصواب فيه، وانظر المغني في الضعفاء وميزان الاعتدال ولسان الميزان. ولو ثبت مثل هذا عن الإمام أحمد، فليس فيه البتة إثبات سماع ابن أبي طلحة من أحد من تلامذة بن عباس.

ثانياً: اختلف العلماء في عبد الله بن صالح: منهم من جعله كذاباً، ومنهم من ضعّفه، ومنهم من صدقه. وجامع القول فيه ما قاله الإمام ابن حبان: «كان في نفسه صدوقاً، إنما وقعت له مناكير في حديثه من قبل جارٍ له. فسمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة. كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله، ويرميه في داره بين كتبه، فيتوهم عبد الله أنه خطه، فيحدّث به». وقد قال عنه أبو زرعة: «كان يسمع الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا قبلوا به». ثم قال: «وكان خالد يضع في كتب الشيوخ ما لم يسمعوا ويدلس لهم هذا». ووافقه الحاكم على هذا. وقال أبو حاتم: «الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره فأنكروها عليه، أرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه. وكان أبو صالح سليم الناحية. وكان خالد بن يحيى يفتعل الكذب ويضعه في كتب الناس». انظر تهذيب التهذيب (5

227).

هذا وقد شَغِبَ البعض علينا، فقال إن هذه صحيفة مكتوبة فلا يؤثر بها سوء حفظ عبد الله بن صالح إذا روى عنه إمام ثقة. أقول: كلامنا واضح أنه عن الدس في كتب عبد الله بن صالح، وليس عن سوء حفظه. وإذا كان الخط الذي يزوّره جار ابن صالح من الإتقان بحيث أن ابن صالح نفسه لا يستطيع تمييزه عن خطه، فمن الأجدر أن الرواة عن ابن صالح كذلك لا يميزونه.

ثالثاً: علي بن أبي طلحة (وهو علي بن سالم بن المخارق الهاشمي) قد تكلم بعض العلماء فيه، فوثقه بعضهم وضعفه بعضهم الآخر. قال عنه أحمد بن حنبل: «له أشياء منكرات». ونقل ابن تيمية في "الرد على البكري" (ص75) عن أحمد أنه قال: «علي بن أبي طلحة ضعيف». وقال عنه يعقوب بن سفيان: «هو ضعيف الحديث، منكَر، ليس بمحمود المذهب». وفيه تشيّع، وكان يرى السيف على المسلمين.

رابعاً: معاوية بن صالح الحضرمي، فيه خلاف طويل كذلك. قال يعقوب بن شيبة: «قد حمل الناس عنه، و منهم من يرى أنه وسط ليس بالثبت و لا بالضعيف، و منهم من يضعفه». قلت: من وثقه أكثر، لكن انتقدوا عليه إفرادات. والخلاف فيه تجده في ترجمته في التهذيب. وممن ضعفه –وليس قوله في التهذيب– ابن حزم في المحلّى (5

70). ولخّص ابن حجر حاله في التقريب بقوله: «صدوقٌ له أوهام».

ولذلك تجد في هذه الصحيفة بعض المناكير والشذوذات والأقوال التي تعارض الثابت عن ابن عباس. وإجمالاً فهي تفسير قيّم جميل، ولعل غالبه مأخوذ من ابن عباس لكن فيها دس ووضع. ولذلك لا نستطيع أن نجزم بشيء منها ما لم يوافق ما هو معروفٌ عن ابن عباس. وقد علق البخاري نذراً يسيراً منها في التفسير اللغوي للقرآن وأشباهه، بسبب قرائن تشهد لذلك النذر اليسير بالصحة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير