تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلتَ أخي الكريم:" بخصوص النقطة الأولى. لا معنى لها عندي. فإن كان الأعمش يروي الحديث عن سعيد مباشرة فهو صحيح. وإن كان يرويه عن الأعمش بواسطة ثقة. فهو صحيح أيضا. وإن كان يرويه بواسطة ضعيف فهو غير صحيح".

وهل المنازعة في ذلك؟

لكن من أين لك أن تحكم على الحديث الذي رواه الأعمش عن سعيد بن جبير بالعنعنة أنه أخذه منه مباشرة

لقد تبين لك أخي بما لا يدع مجالا للشك أن الأعمش يقول عن سعيد بن جبير ثم يتبين لنا أنه بين الأعمش وبين سعيد رجل.

قلتَ:" أما إن جاء أثر واحد من طريق الأعمش عن ابن جبير مرة بواسطة ومرة بدونها. فهو كما قلت لك مسبقا في الأثر الذي يحكي مرض أبي طالب. من الممكن أن يكون قد سمعه من يحيى بن عمارة مرة فرواه عنه. ومن الممكن أن يكون قد سمعه من سعيد مباشرة فرواه عنه أيضا"

فقد ذكرتَ هنا أخي الكريم أمرين من الممكنات:فممكن أن يكون سمعه من يحيى وممكن أن يكون سمعه من سعيد مباشرة، ولكنك تركت ممكنا ثالثا وهو أن يكون سمعه من يحي ثم أسقطه ورواه عن سعيد، وبهذا يستحق أن يوصف بالتدليس، وأما ما ذكرته أنت فيعني أنه لا يدلس.

فلو وجدنا (وهو ليس مجرد فرض بل له أمثلة) إسنادا وحيدا للأعمش عن سعيد بن جبير بدون واسطة بينهما، فهل تجزم بأنه أخذه عنه مباشرة على حسب تخريجك السابق أم يبقى الأمر على الاحتمال؟

الجزم بأنه أخذه مباشرة يخالف الأمثلة السابقة وغيرها مما لم يرد ذكره، كما أن الجزم بذلك يعني إقفال موضوع تدليس الأعمش من بابه، وهذا أيضا مخالف لحقيقة أن الأعمش رحمه الله تعالى مدلس، والقول أنه ممكن أخذه مباشرة وممكن أخذه بالواسطة فهذا ما أقوله (وهو الموافق لحكم المحدثين عليه بأنه مدلس) ومن ثم لا يمكن الاحتجاج في هذه الحالة بمثل هذه الرواية على أنها موصولة

وأما بخصوص تفسير قوله تعالى:"ولتجدنهم أحرص الناس ... الآية وقولك تعليقا على ما أوردته عليك:"وأنت تلحظ يا أخي الفاضل تشابه الروايتين. في الجزء الخاص بقوله تعالى (يود أحدهم أن يعمر ألف سنة) فأقول لك بل الروايتان مختلفتان وليس كما تقول بارك الله فيك ولا مانع من إيرادهما مرة أخرى لبيان الفرق بينهما ففي الرواية التي يرويها الأعمش عن سعيد بدون واسطة جاء قوله:" يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} قال: هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم (ده هو أرسال" وفي الرواية التي يرويها الأعمش عن سعيد بالواسطة جاء قوله:" ولتجدنهم أحرص الناس على حياة، قال هم هؤلاء أهل الكتاب و من الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة و ما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر قال: هو قول أحدهم لصاحبه هز إرسال سرور مهرجان بخور" والفرق واضح ففي الرواية التي بغير واسطة تفسير لجزء من الآية، بينما الرواية التي بالواسطة التفسير للآية كلها، وفي الرواية التي بغير الواسطة جاء قوله " هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم (ده هو أرسال" بينما الرواية التي بالواسطة جاء قوله " هو قول أحدهم لصاحبه هز إرسال سرور مهرجان بخور" فالأولى ربطها بالعطاس والثانية لا علاقة لها بالعطاس، ولا شك هذه فروق واضحة

وأما قولك:" وأنت سألت يا أخي الفاضل عن علاقة عطس الأعاجم بقوله تعالى. وأقول لك يا أخي الفاضل أن الحديث لم يأت عن سعيد من هذا الطريق فقط. فقد جاء من طريق آخر. ولعله ضعيف أيضا. لكنه يشهد له"

وأقول:إذا تبين لك أخي الكريم أن هذه الرواية (التي فيها عطس الأعاجم) جاءت عن سعيد بطريق أخرى ضعيفة، كان هذا دليلا على أن الأعمش دلس هذه الرواية ولم تكن هذه الرواية شاهدة إلا على تدليس الأعمش رحمه الله تعالى.

وأما رواية مسلم البطين فهي دليل على تدليس الأعمش أيضا لأنه لما روى عن سعيد بواسطة مسلم البطين لم يأت بهذه اللفظة (عطس الأعاجم) فتبين أن الطريق المستقيمة ليس فيها هذا اللفظ

وعلى ذلك يكون لتفسير ابن عباس لهذه الآية عند الأعمش أكثر من طريق أحدهما:طريق الأعمش عن جعفر بن إياس، والثاني:الأعمش عن مسلم البطين، وطريق لا ندرى من واسطتها، فالطريق التي يكون الواسطة فيها ثقة (جعفر بن إياس، مسلم البطين) يذكره، والطريق التي يكون الواسطة فيها غير ثقة يسقط الواسطة، وهو واضح جدا في اختلاف الروايات التي بالواسطة عن الروايات التي يذكرها بدون واسطة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير