تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من هو يزيدُ الرقاشي الراوي عن أنسِ بنِ مالك رضي اللهُ عنه؟ وما هي حالهُ من جهةِ كلام أهلِ الجرحِ والتعديلِ فيه؟

هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ. وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل، من ذلك:

قال البخاري: تكلم فيه شعبةُ. وقال أبو طالب: سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقول: " لا يكتبُ حديث يزيد الرقاشي. قلت له: فلم تُرك حديثهُ، لهوى كان فيه؟ قال: لا، ولكن كان منكر الحديثِ. وقال: شعبةُ يحملُ عليه، وكان قاصاً. وقال أبو حاتم: كان واعظاً بكاءً كثير الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ، صاحبُ عبادةٍ، وفي حديثهِ ضعفٌ.

وقد لخص ابنُ حبان الكلامَ فيه فقال: " كان من خيارِ عبادِ اللهِ من البكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ، ممن غفل عن صناعةِ الحديثِ وحفظها، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان يقلبُ كلامَ الحسن فيجعله عن أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاجُ به، فلا تحلُ الروايةُ عنه إلا على سبيل التعجب ".

والخلاصةُ في حالِ الرجل ما يلي:

أولاً: أنهُ قاصٌ. وقد أورده ابنُ الجوزي في كتابِ " القصاصِ والمذكرين " (ص 265)، والقصاصُ هم قومٌ كانوا يقصون القصصَ دون ذكرِ العلمِ المفيدِ، ثم غالبهم يخلطُ فيما يوردهُ، واعتمد على ما أكثره محالٌ، وأما القاصُ الصادقُ فقد أثنى أحمدُ بنُ حنبل عليه فقال: " ما أحوج الناس إلى قاصٍ صدوقٍ ".

وقد أفرد لهم ابنُ الجوزي في " تلبيس إبليس فصلاً بعنوان: " ذكرُ تلبيسه على الوعاظِ والقصاصِ "، ثم قال: " فمن ذلك أن قوماً منهم يضعون أحاديث الترغيبِ والترهيبِ، ولبس عليهم إبليس بأننا نقصدُ حث الناسِ على الخيرِ، وكفهم عن الشرِ، وهذا افتئاتٌ منهم على الشريعةِ، لأنها عندهم – على هذا الفعلِ – ناقصةٌ تحتاجُ إلى تتمةٍ، ثم نسوا قوله صلى اللهُ عليه وسلم: " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار ".ا. هـ.

ثانياً: أنه ممن اشتغل بالعبادةِ، وقد تكلم أهلُ العلمِ في العبادِ والزهادِ، فعد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أن لكثرةِ الغفلةِ أسباباً منها الاشتغال عن حديثِ المصطفى صلى الله عليه وسلم بغيره، فلا ينضبط له ككثيرٍ من أهلِ الزهدِ والعبادةِ.

قال شيخُ الإسلامِ في " الفتاوى " (18/ 45): الْخَطَأُ فِي الْخَبَرِ يَقَعُ مِنْ الرَّاوِي إمَّا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا؛ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي الرَّاوِي الْعَدَالَةُ لِنَأْمَنَ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، وَالْحِفْظِ وَالتَّيَقُّظِ لِنَأْمَنَ مِنْ السَّهْوِ.

وَالسُّهُو لَةُ أَسْبَابٌ: أَحَدُهَا: الِاشْتِغَالُ عَنْ هَذَا الشَّأْنِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَنْضَبِطُ لَهُ كَكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ.ا. هـ.

ثالثاً: كلامُ أبي حاتمِ في يزيد أنه كان كثيرَ الروايةِ عن أنس بما فيه نظر، وأيضاً كلامُ ابنِ حبانَ أنه يقلبُ كلامَ الحسن البصري فيجعله عن أنس، يبين أن روايته عن أنس رضي الله ُ عنه معلولةٌ، وربما تكون من كلام الحسن البصري وليس من كلام أنس رضي الله عنه.

الوقفةُ الثانيةُ:

الحديثُ بهذا السياقِ أوردهُ السمرقندي في " تنبيه الغافلين "، وقد تكلم أهلُ العلم على الكتابِ.

قال الإمام الذهبي في ترجمته في السير (16/ 323): صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ... وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ.ا. هـ.

أما كتابه " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين " الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا، فالكتاب - أي " تنبيه الغافلين " - من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة، وإليك كلام أهل العلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر الكتاب.

وهذه النقولات من كتاب " كتب حذر منها العلماء (2/ 198 - 200).

قال الذهبي في " تاريخ الإسلام " في ترجمته (حوادث 351 - 380): وفي كتاب " تنبيه الغافلين موضوعات كثيرة.ا. هـ.

وقال أبو الفضل الغماري في " الحاوي " (3/ 4): وكتاب " تنبيه الغافلين " يشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة، فلا ينبغي قراءته للعامة لا يعرفون صحيحه من موضوعه.ا. هـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير