2 – أن يكون الراوي عدلا: و العدل: من عنده ملكة تحمله على ملازمة التقوى و البعد عن الفسق و خوارم المروءة.
و جعل أهل العلم للعدالة شروطا، و هي: أن يكون مسلما، عاقلا، بالغا، سالما من الفسق، و من خوارم المروءة، و الشرط الأخير، المراد به: أن لا يخالف المرءُ عُرفَ بلده.
3 – أن يكون الراوي ضابطا: و الضابط: هو الذي يغلبُ صوابُه خطأَه، و ليس المقصود أنه الذي لا يُخطئ.
و الضبط ينقسم إلى قسمين: ضبط صدر، و ضبط كتاب.
أ – ضبط الصدر: [أن يستحضر الراوي مرويه متى شاء في أي مكان شاء، كما تلقاه عن شيخه] ز.
ب – ضبط الكتاب: أن يكون الراوي يكتب الأحاديث التي تلقاها عن الشيوخ، و يجعلها في كتاب، و يصون كتابه ذلك.
و أهل الحديث يفضلون ضبط الكتاب على ضبط الصدر.
4 – انتفاء الشذوذ:
الشذوذ: هو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه أو أكثر عددا، أو هو: ما يرويه المقبول مخالفا من هو أولى منه أو أكثر عددا.
5 – انتفاء العلة:
العلة: سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث.
و يعرفون الحديث المعلول بأنه: الذي اطُّلِع فيه بعد التفتيش على علة قادحة تمنع من قبوله.
و بعضهم يجعل انتفاء الشذوذ و انتفاء العلة شرطا واحدا، لأن الشذوذ من العلل، و لأنه يلزم على جعل انتفاء الشذوذ شرطا مستقلا، أن يُزاد في التعريف: أن لا يكون مقلوبا، و لا مدرجا، و لا مضطربا .... إلخ.
و قد يقول قائل: يلزم على هذا، أن نقول في تعريف الحديث الصحيح أن تقول: " الحديث الصحيح: هو الحديث الذي انتفت منه العلة "، لأنه إذا لم يتصل السند، كان الحديث معلولا، و إذا وُجد راو غير عدل أو غير ضابط فالحديث يكون معلولا.
فالجواب على هذا: أن علماء الحديث يفرقون بين العلة الظاهرة و العلة الخفية، فاتصال السند و عدالة الرواة و ضبطهم، الخلل فيه يكون ضمن العلل الظاهرة، أي التي يدركها كل أحد.
لكن مقصونا من " انتفاء العلة "، العلة الخفية، التي لا تُدرك إلا من قبل الأئمة الجهابذة النقاد، الذين يجمعون طرق الأحاديث، و يعرفون أحوال الرواة و طبقاتهم و أنسابهم و كناهم و أبناءهم و بلادنهم و رحلاتهم و كل ما يتعلق بهؤلاء الرواة.
فهؤلاء الأئمة يكتشفون عللا من إسناد ظاهره الصحة، بسبب معرفتهم الواسعة بالأسانيد و الرواة.
5 - و الحسن المعروف طرقا و غدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت
تعريف البيقوني للحديث الحسن، أخذه عن الخطابي، و الحديث الحسن من أنواع علوم الحديث الذي كثر الخلاف فيه بين أهل العلم، فاختلفوا في تعريفه، فللخطابي تعريف، و للترمذي تعريف، و لابن الجوزي تعريف، و لابن الصلاح و من جاء بعده تعريف.
تعريف الخطابي للحسن: " هو ما عُرف مخرجه، و اشتهرت رجاله، و عليه مدار أكثر الحديث، و هو الذي يقبله أكثر العلماء، و يستعمله عامة الفقهاء "، و انتقد العلماء هذا التعريف، لأنه لا يميز فيه بين الصحيح و الحسن و الضعيف.
مخرج الحديث: هو الراوي الذي تدور عليه أسانيد أهل البلد.
مثاله: كان في البصرة: قتادة بن دعامة السدوسي، و في الكوفة: أبو إسحاق السبيعي، في الشام: الأوزاعي، في مصر: الليث بن سعد، في مكة: ابن جريج، في المدينة: الزهري، في اليمن: معمر بن راشد، و هكذا، فيُقال: " هذا مخرج أسانيد أهل البلد الفلاني "، و معرفة مخرج الحديث لا يدل على ثبوت الحديث و صحته، بل قد يكون الحديث صحيحا، و قد يكون حسنا، و قد يكون ضعيفا.
ثم إن قوله: " و اشتهرت رجاله "، لم يذكر بماذا اشتهروا، فابن لهيعة، مشهور، و لكنه مشهور بالضعف، فلا يكون حديثه حسنا.
قوله: " و عليه مدار أكثر الحديث "، هذا من البيان لقوله: "ما عُرف مخرجه "، فـ: قتادة عليه مدار أكثر حديث أهل البصرة، و هكذا.
وتعريف ابن الصلاح للحديث الحسن هو تعريف الحديث الصحيح، إلا أنه يخف ضبط راويه، وباقي الشروط لابد من وجودها.
و الحافظ ابن حجر في " نزهة النظر " عرفه بأنه: " ما اتصل سنده، بنقل العلدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ و لا علة ".
و بعضهم يشترط في " خفة الضبط " شرطا، فيقول: " الذي خف ضبطه خفةً لا تلحقه بمن يُعَدُّ تفرده تفردا منكرا ".
¥