تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من صحة بعض العقليات صحة جميعها كما لا يلزم من صحة بعض السمعيات صحة جميعها، وحينئذ فلا يلزم من صحة المعقولات التي تبنى عليها معرفتنا بالسمع صحة غيرها من المعقولات ولا من فساد هذه فساد تلك فضلا عن صحة العقليات المناقضة للسمع، فكيف يقال إنه يلزم من صحة المعقولات التي هي ملازمة للسمع صحة المعقولات المناقضة للسمع فإن ما به يعلم السمع ولا يعلن السمع إلا به لازم للعلم بالسمع لا يوجد العلم بالسمع بدونه وهو ملزوم له والعلم به يستلزم العلم بالسمع والمعارض للسمع مناقض له مناف له فهل يقول عاقل إنه يلزم من ثبوت ملازم الشىء ثبوت مناقضه ومعارضه،

ولكن صاحب هذا القول جعل العقليات كلها نوعا واحد متماثلا في الصحة أو الفساد ومعلوم أن السمع إنما يستلزم صحة بعضها الملازم له لا صحة البعض المنافي له

والناس متفقون على أن ما يسمى عقليات منه حق ومنه باطل

وما كان شرطا في العلم بالسمع وموجبا فهو لازم للعلم به بخلاف المنافي المناقض له فإنه يمتنع أن يكون هو بعينه شرطا في صحته ملازما لثبوته فإن الملازم لا يكون مناقضا فثبت أنه لا يلزم من تقديم السمع على ما يقال إنه معقول في الجملة القدح في أصله، فقد تبين بهذه الوجوه الثلاثة فساد المقدمات الثلاث التي بنوا عليها تقديم آرائهم على كلام الله ورسوله، فإن قيل نحن إنما نقدم على السمع المعقولات التي علمنا بها صحة السمع،

قيل سنبين إن شاء الله أنه ليس فيما يعارض السمع من شىء من المعقولات التي يتوقف السمع عليها فإن كل ما عارض السمع مما يسمى معقولا ليس أصلا للسمع يتوقف العلم بصحة السمع عليه فلا يكون القدح في شىء من المعقولات قدحا في أصل السمع،

الوجه الثاني أن جمهور الخلق يعترفون بأن المعرفة بالصانع وصدق الرسول ليس متوقفا على ما يدعيه بعضهم من العقليات المخالفة للسمع والواضعون لهذا القانون كأبي حامد والرازي وغيرهما معترفون بأن العلم بصدق الرسول لا يتوقف على العقليات المعارضة له

فطوائف كثيرون كأبي حامد والشهرستاني وأبي القاسم الراغب وغيرهم يقولون العلم بالصانع فطري ضروري، والرازي والآمدي وغيرهما من النظار يسلمون أن العلم بالصانع قد يحصل بالإضطرار وحينئذ فالعلم بكون الصانع قادر معلوم بالاضطرار والعلم بصدق الرسول عند ظهور المعجرات التي تحدى الخلق بمعارضتها وعجزوا عن ذلك معلوم بالاضطرار،

ومعلوم أن السمعيات مملوءة من إثبات الصانع وقدرته وتصديق رسوله ليس فيها ما يناقض هذه الأصول العقلية التي بها يعلم السمع بل الذي في السمع يوافق هذه الأصول بل السمع فيه من بيان الأدلة العقلية على إثبات الصانع ودلائل ربوبيته وقدرته وبيان آيات الرسول ودلائل صدقه أضعاف ما يوجد في كلام النظار

فليس فيه ولله الحمد ما يناقض الأدلة العقلية التي بها يعلم صدق الرسول، ومن جعل العلم بالصانع نظريا يعترف أكثرهم بأن من الطرق النظرية التي بها يعلم صدق الرسول ما لا يناقض شيئا من السمعيات

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=61537#post61537

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 03 - 06, 09:03 ص]ـ

ثم قال رحمه الله

، الوجه الخامس أن نبين أن الأدلة العقلية الصحيحة البينة التي لا ريب فيها بل العلوم الفطرية الضرورية توافق ما أخبرت به الرسل لا تخالفه

وأن الأدلة العقلية الصحيحة جميعها موافقة للسمع لا تخالف شيئا من السمع

وهذا ولله الحمد قد اعتبرته فيما ذكره عامة الطوائف فوجدت كل طائفة من طوائف النظار أهل العقليات لا يذكر أحد منهم في مسألة ما دليلا صحيحا يخالف ما أخبرت به الرسل بل يوافقه حتى الفلاسفة القائلين بقدم العالم كأرسطو وأتباعه ما يذكرونه من دليل صحيح عقلي فإنه لا يخالف ما أخبرت به الرسل بل يوافقه وكذلك سائر طوائف النظار من أهل النفي والإثبات لا يذكرون دليلا عقليا في مسألة إلا والصحيح منه موافق لا مخالف،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير