تبيّن فيما مضى أن كافة طرقه ضعيفة جداً أو مناكير، وجلُّها يرجع لعمرو بن دينار مولى آل الزبير، وقد نص غير واحد من الحفاظ أن الحديث معروف به، واتفقوا على إنكاره عليه، ولم يلتفتوا للمتابعات والطرق الأخرى، وردُّوها إلى روايته.
وعمرو هذا يتلخص من ترجمته أنه واهٍ، وفي روايته عن سالم مناكير، كما قال البخاري والنسائي والفلاس وأبوحاتم والساجي، وغيرهم، وقال ابن عدي (5/ 136): لا يُعرف هذان الحديثان عن سالم [يعني حديث السوق، وإذا رأى أحدكم مبتلى]، ولا يرويهما عن سالم غير عمرو بن دينار هذا، وكل من تكلم من الأئمة على حديث عمرو عدّها من مناكيره.
وقال علي بن المديني في مسند عمر (كما في مسند الفاروق 2/ 642 - 643): كان أصحابنا يُنكرون هذا الحديث أشد الإنكار لجودة إسناده.
وقال البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 447) بعد ما ساق سند عمرو للحديث: لا يُتابع على أحاديثه.
وقال يعقوب بن شيبة في مسنده (4/أ-ب): هو حديث ليس بصحيح الإسناد، ولا له مخرج يرضاه أهل العلم بالحديث، وإنا لنرجو من ثواب الله عز وجل على هذه الكلمات ما روي في هذا الحديث وأكثر منه، فهو أهل الفضل والإحسان. رواه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عن سالم: عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، وهو ضعيف. قال علي بن المديني، وغيره: هو ضعيف.
قال يعقوب بن شيبة: لم أر أحدا من أصحابنا ممن يتكلم في الحديث إلا وهو يضعفه، ويضعف أحاديثه، وأحاديثه منكرة، سمعت يحيى بن معين يقول: عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير ذاهب، وقال مرة: ليس بشيء، وقال ابن المديني: لم يكن عندهم بالقوي.
وقال أبوحاتم في العلل (2/ 171): هذا حديث منكر جدا، لا يحتمل سالم هذا الحديث.
وقال في موضع آخر (2/ 181): هذا حديث منكر.
وقال الآجري في سؤالات أبي داود (1082 و1083): سمعت أبا داود يقول: [حديثا] عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير -يعني حديبث سالم عن أبيه عن جده- ليسا بشيء. قلت لأبي داود: روى أزهر بن سنان عن سالم؟ قال: أزهر ليس بشيء. ا هـ.
قلت: يعني حديث السوق، وحديث من رأى مبتلى، قاله المزي في حاشية تهذيب الكمال (22/ 15).
وقال البزار (1/ 239): إن هذا الحديث لم يتابع عليه عمرو بن دينار.
وقال العقيلي (3/ 304): الأسانيد فيه فيها لين.
وقال الدارقطني في العلل (2/ 50): فرجع الحديث إلى عمرو بن دينار، وهو ضعيف لا يُحتج به.
وقال الحاكم في المستدرك (كما في إتحاف المهرة 12/ 276): هذا الحديث له طرق تُجمع ويُذاكر بها عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم، وليس من شرط هذا الكتاب.
وأشار ابن تيمية إلى ضعفه في مجموع الفتاوى (18/ 68).
وقال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود (7/ 337): إنه حديث معلول لا يثبت مثله.
وقال في المنار المنيف (41): هذا الحديث معلول، أعله أئمة الحديث.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 351): إن في سنده ضعفا.
ومضى تضعيف أئمة آخرين للحديث ضمن الكلام على الطرق.
وممن ضعفه من المعاصرين سماحة الشيخ ابن باز في التحفة الكريمة (33).
والتحقيق والتفصيل في طرق الحديث تؤيد ما ذهبوا إليه وحكموا به.
وخالفهم البغوي، فقال في شرح السنة (5/ 133): هذا حديث حسن غريب! وعمرو بن دينار هو قهرمان آل الزبير، وعمرو بن دينار المكي أثبت وأقدم.
قال ياسر فتحي
وحاصل ما تقدم: أن الحديث منكر، لا يصح من وجه، وقد اتفق الأئمة على إنكاره وتضعيفه، فيجب المصير إلى قولهم، إذ اتفاق أهل الحديث على شيء يكون حجة، والله الموفق للصواب.
وممن ضعفه أيضًا:
ابن القيم في المنار المنيف (46) حيث يقول: فهذا الحديث معلول، أعله أئمة الحديث.
وقال الشيخ ياسر فتحي في كتابه (2/ 645):
وفي الجملة فقد اضطرب فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، وهو ضعيف جدا منكر الحديث، ولا يعتبر بما تفرد به عن سالم دون بقية أصحابه، فقد روي عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة، وعامة حديثه منكر. [التهذيب 6/ 142، الميزان 3/ 259].
قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي الباب عن أبي هريرة، وعمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، شيخ بصري، وليس هو بالقوي في الحديث، وقد تفرد بأحاديث عن سالم بن عبد الله بن عمر.
¥