خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة فقال: إني رأيت الليلة عجبا، قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالده فرده عنه ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز وجل فخلصه من بينهم ورأيت رجلا من أمتي يسلط عليه عذاب القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه منه ورأيت رجلا من أمتي احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما ورد حوضا منع منه فجاءه صومه رمضان فسقاه وارواه ورأيت رجلا من أمتي والنبيون حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقه ظن انه منها رد فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذه بيده فأجلسه إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة وعن شماله ظلمة من فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجه وعمرته واستنقذاه من الظلمة وادخلاه النور ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلة الرحم فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فإنه كان واصلا للرحم فكلموه وصافحوه ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت سترا على رأسه وظلا على وجهه ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وادخلاه في ملائكة الرحمة وصار معهم ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده فأدخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءته إفراطه يعني أولاده الصغار فثقلت ميزانه ورأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم فجاءه وجله من الله تعالى فاستنفذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي من انتهى تهوي في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله عز وجل فاستخرجته من النار ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكنت رعدته ومضى على الصراط ورأيت رجلا من أمتي يحبو حبوا أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علي فأخذته بيده وأقامته على الصراط ومضى ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إلا إلا الله وفتحت الأبواب وأدخلته الجنة.
طريق آخر أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن ابي حاتم بن حبان قال نا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال حدثنا عامر بن سيار قال نا مخلد بن عبد الواحد الهذيل البصري عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله ص فقال لقد رأيت البارحة عجبا رجلا من امتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه.
قال المؤلف وذكر نحو الحديث المتقدم، وهذا حديث لا يصح.
أما الطريق الأول ففيه هلال أبو جبلة، وهو مجهول.
وفيه الفرج بن فضالة قال ابن حبان: يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحل الاحتجاج به.
فأما الطريق الثاني ففيه علي بن زيد، قال: احمد ويحيى ليس بشيء، وقال أبو زرعة: يهم ويخطئ فاستحق الترك، وفيه مخلد بن عبد الواحد قال ابن حبان: منكر الحديث جدا ينفرد بمناكير لا تشبه أحاديث الثقات.
وقال الإمام الذهبي في تلخيصه للعلل المتناهية (ص243):
رواه فرج بن فضالة – ضعيف – هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبدالرحمن بن سمرة.
هلال هذا شيخ يكتب حديثه.
ورواه مخلد بن عبدالواحد أبو الهذيل – منكر الحديث – عن علي بن زيد – ضعيف – عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن.
وقد رواه سليمان بن عبد الرحمن، عن مروان بن معاوية، عن كتاب أبي عبدالر حمن، عن ابن جدعان.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 179) وقال:
رواه الطبراني بإسناد ين في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي، وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومي وكلاهما ضعيف.ا. هـ.
أما سليمان بن أحمد الواسطي ففيه كلام أشد مما ذكر الهيثمي.
قال عنه الذهبي في الميزان (3/ 277):
صاحب الوليد بن مسلم كذبه يحيى وضعفه النسائي، وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وأحمد ويحيى ثم تغير وأخذ في الشرب والمعازف فترك
¥