نقل السقاف قول الترمذي ((والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه)) باتراً أوله و آخره ليثبت زعمه في أن هذا تفويض
وأول الكلام الذي بتره السقاف فقوله ((وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء)) فكلامه يدل على الإثبات إذ لم يفرق بين الرؤية والقدم
وقوله ((ولا يقال كيف)) دليل على إثبات المعنى ومثال ذلك لو قلت لك أفي بيتكم حديقة؟ فإذا قلتَ لا لم يجز لي أن أسألك عن الكيفية ولم يجز لك نهيي عن ذلك
ولكن لو قلت لي نعم في بيتنا حديقة ولكن لا تسألني عن الكيفية لاستقام كلامك فما لم يثبت أصله لم يحتاج المتكلم إلى نفي العلم بكيفيته أو النهي عن السؤال عن كيفيته
وأما آخر الكلام الذي بتره السقاف ((ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم))
فهذا نص صريح في إثبات صفة التجلي وهي صفة فعليه فأين التفويض؟!!!
وللترمذي كلام آخر في الصفات صريح في الإثبات
قال الترمذي ((وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه))
وهذا صريح في إثبات العلو الحسي وليس معناه العلو المعنوي لأن الترمذي كان في صدد نفي كون الله في الأرض كما هو ظاهر الحديث المنكر الذي كان الترمذي يتكلم عنه ((لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله))
وله كلام آخر صريح في إثبات الصفات وهو قوله ((وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة و قال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))))
وهذا كلام صريح في الإثبات لوجوه
الأول عدم تفريقه بين اليد والسمع والبصر بل أثبتها جميعاً
الثاني قوله ((وفسروها على غير ما فسرها أهل العلم)) مما يدل أن لأهل العلم تفسير لهذه الآيات والأحاديث وقد تقدم ذكر الكثير منها ومنها تفسير الترمذي الذي ذكرناه للتو
الثالث نفي السؤال عن الكيفية وقد تقدم شرحه
الرابع إثبات الترمذي لصفة العلو
الخامس نفيه للتوهم وإنما يحصل توهم التشبيه والتجسيم لمن يثبت الصفات أما المعطلة فذلك منتفي في حقهم
وما نقله الترمذي عن إسحاق حق لا مرية فيه فلو كان الإتفاق باللفظ يقتضي الإتفاق في المعنى أو التشابه لكانت يد الجمل كيد الباب ويد النملة كيد الفيل وساق النبات كساق الإنسان والأمثلة على ذلك كثيرة
وهذه من النقاط التي لا يقرها السقاف ولا المعطلة عموماً فكيف يزعم أن الترمذي يوافقه على التعطيل
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:13 م]ـ
وزعم السقاف أن الإمام أحمد وقع في التفويض محتجا بقوله في أحاديث الصفات ((نمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى)) أو كما قال رحمه
وهذا الأثر تفرد به حنبل بن إسحاق وقد تقدم الكلام على تفرداته
وعلى فرض صحتا فإن المعنى المنفي هو المعنى الذي يتوهمه الجهمية بدليل أن السائل سأله عن أحاديث الرؤية أيضاً
وقد ثبت عن الإمام أحمد ثبوتا يقرب التواتر إثباته للرؤية
قال الخلال في السنة (وقد احتج السقاف براوية الخلال في مقدمة تحقيقه لكتاب دفع شبه التشبيه) أخبرني موسى بن محمد الوراق قال عبيد الله بن أحمد الحلبي سمعت أبا عبد الله وحدثني بحديث جرير بن عبد الله في الرؤية فلما فرغ قال على الجهمية لعنة الله
وعبيد الله الحلبي قال عنه الخلال ((رجل جليل جدا كبير القدر)) فقد رواه ابن النجاد الفقيه – عن عبد الله بن أحمد رحمه الله – في كتاب ((الرد على من يقول القرآن مخلوق)). وفي ((مسائل إسحاق بن إبراهيم النيسابوري)) قال: ((سمعت أبا عبدالله يقول: من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي، والجهمي كافر))
وقد تقدم ذكر الآثار الصحيحة عن أحمد في إثبات الصفات
¥