تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والواقدي يؤخذ منه ما يتعلق بالأخبار التاريخية، لتخصصه فيها، ما لم يخالف من هو أقوى منه، وأما في مجال رواية الأحاديث فهو متروك، والله أعلم

ـ[عبد الجبار]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:50 ص]ـ

قال الأستاذ فاروق حمادة في بحثه حول أعلام السيرة في القرن الثاني الهجري:

وقد وقف الناس من الواقدي مواقف متباينة فمنهم من قواه، ومنهم من ضعفه حتى اتهمه غير واحد بالوضع في الحديث. ولكنه في المغازي والسير والأحداث غير مدفوع عن ذلك، بل له بها مزيد عناية واختصاص، وهو فيها رأس وله مكانة. قال إبراهيم الحربي: "سمعت المسيبي يقول: رأيت الواقدي يوماً جالساً إلى أسطوانة في مسجد المدينة، وهو يدرس، فقلنا: أي شيء تدرس؟ فقال: جزءاً من المغازي.

وقلنا له يوما: هذا الذي تجمع الرجال تقول: حدثنا فلان وفلان، وجئت بمتن واحد، لو حدثتنا بحديث كل واحد على حدة، فقال: يطول، قلنا له: قد رضينا، فغاب عنا جمعة، ثم جاءنا بغزوة أحد في عشرين مجلد، فقلنا: ردنا إلى الأمر الأول".

أقول: ولا غرابة في ذلك، فقد كان واسع الرواية بمنهج متميز، كشف عنه بقوله: "ما أدركت رجلاً من أبناء الصحابة، وأبناء الشهداء، ولا مولى لهم إلا سألته هل سمعت أحداً من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل؟ فإن أعلمني مضيت إلى الموضع فأعاينه، ولقد مضيت إلى المريسيع فنظرت إليها، وما عملت غزاة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه".

ومن كان هذا همه ووكده فلا غرابة أن يكون عنده ما ليس عند غيره. قال ابن كثير، وهو الماهر العارف بهذا الشأن: "والواقدي عنده زيادات حسنة وتاريخ محرر غالبا، فإنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه مكثر".

وقال الذهبي: "والواقدي وإن كان لا نزاع في ضعفه فهو صادق اللسان كبير القدر".

وقال بعد أن استعرض ما قاله مادحوه وقادحوه: "وقد تقرر أن الواقدي ضعيف يحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد، وعامة من جمع في الأحكام نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئا، مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه ويروى، لأني لا أتهمه بالوضع، وقول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه -وهم تمام عشرة محدثين-، إذ انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة، وأن حديثه في عداد الواهي".

والله أعلم

ـ[البتيري]ــــــــ[21 - 04 - 06, 11:58 ص]ـ

جزاك الله خيرا يا عبد الجبار ...

ولكن ما معنى ان نورد اثاره دون احتجاج؟؟

اليست كل المغازي والتاريخ فعل او قول لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه؟؟

وجزاك الله خيرا ..

ـ[عبد الجبار]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:01 م]ـ

أخي الفاضل

يقصد الحافظ الذهبي رحمه الله أن رواياته يمكن أن يستشهد بها، بمعنى أنها ضعيفة، ولكنها ليست بشديدة الضعف، لذا تصلح أن تقوي روايات أخرى ضعيفة مثلها، لتكون بمجموعها حديثا مقبولا، والمغازي هي كما وصفتها أنت، ولكن قد يذكر فيها تفاصيل إضافية مثل مواقع الغزوات، وأسماء الشهداء وما يشابهها من التفاصيل التي تكون خلفية مهمة لفهم الأحداث، وأما إذا روى الواقدي في السيرة ما يستفاد منه حكما شرعيا فإنه ينظر فيه، فإذا كان يخالف سنة صحيحة، أو أثرا صحيحا عن الصحابة، فإن روايته له مردودة، وإذا كان يوافقهما فهو مقبول من الناحية التاريخية.

وقد حدث أننا كنت وبعض الاخوة جلوسا نتذاكر سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحدهم أن من مصادر السيرة الشعر الذي يروى عن تلك الفترة، فاعترض أحدهم أن مصادر الشريعة ثلاثة القرآن والسنة والإجماع، والشعر لا علاقة له بالشريعة، فأجبته بما ملخصه أن الشعر يعطي صورة توضيحية لخلفية أحداث السيرة تعين على فهمها، ولا شك أنه مردود إذا خالف سنة صحيحة، والله أعلم.

ـ[عبد الجبار]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:14 م]ـ

وفي كتاب مرويات السيرة ا لنبوية بين قواعد المحدثين وروايات الإخباريين للأستاذ مسفر بن غرم الله الدميني: "إن الناظر في المؤلفات لا يرى لدى مؤلفيها شروطاً خاصة بهم، بل يراهم متساهلين في كثير من مروياتهم، فلا يشترطون العدالة، فتراهم يروون عن شيوخ مجاهيل لا يعرفون، وكذا الضبط؛ فلا تراهم يردون خبراً لأن راويه لا يضبط حديثه، وأخيراً اتصال الإسناد فلم أرهم يولونه الاهتمام اللائق، فالأخبار المرسلة والمعضلة والتي لا إسناد لها كثيرة في مروياتهم، وهذا يعني أنهم لا يشترطون فيها ما يشترطه عموم المحدثين في مروياتهم.

والسبب أن المصنفون في السيرة يهمهم أن يجمعوا فيها أموراً كثيرة لا تشغل - عادة - بال المحدثين، ومن ذلك مثلاً تحديد مواقع الغزوات جغرافياً، وتواريخها، وأسماء من حضرها، وقبائلهم وأسنانهم، وخيلهم ومراكبهم، وتفاصيل أخرى دقيقة لا ينبني على أكثرها حكم شرعي.

وسبب آخر: أن كثيراً من الأخبار والمعلومات ما يكون متداولاً بين الناس، وربما كان مشهوراً عندهم، لكنهم لا يجدون له إسناداً متصلاً أو صحيحاً، فالإخباري لا يقف عند هذه الشروط التي تفقده كثيراً من مصادره، ومادته العلمية."

انتهى باختصار وتصرف، وتستطيع تحميل بحثه كاملا لعلك تجد فيه ما يجيب عن تساؤلاتك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير