تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهنا ملاحظة اخرى جديرة بالذكر: وهي الأخذ عن المختلط ليست مردودة دائما, وانما يكون ذلك حسب درجة تغير الشيخ, و حسب اتقان وتثبت من اخذ عنه, ولهذا قبلت رواية سفيان بن عيينة , وزهير بن معاوية, عن ابي اسحاق رغم انهما اخذا عنه بعد اختلاطه لأنهما يمحصان ما ياخذان عنه. وقد اخرج البخاري ومسلم لسفيان عن ابي اسحاق.

الدليل على رأي المتقدمين في التوقف في تصحيح رواية ابي اسحاق عن ابي صالح:

الشك في رجوع رواية السبيعي الى طريق الأعمش يكون من جهتين كما قلنا هما:

أ_ خطأ موسى بن داود: فبدل ان يروي الحديث عن زهير عن الأعمش, رواه عن زهير عن ابي اسحاق, وخاصة ان موسى اضطرب في أسانيد اخرى بحيث ادخل اسناد في آخر او على متن آخر مثل:

ما قاله ابن ابي حاتم: "وسألت أبي، وأبا زرعة، عن حدِيث رواه موسى بن داود، عن الماجشون، عن حميد، عن أنس، عن أم الفضل، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في ثوب واحد. فقالا: هذا خطأ.

قال أبو زرعة: انما هو على ما رواه الثوري، ومعتمر، عن حميد، عن أنس، عن النّبي صلى الله عليه وسلم، أنه صلى في ثوب واحد, فقد دخل لموسى حدِيث فِي حدِيث, يُحتمل أن يكون عنده حديث عبدالعزيز، قال: ذكر لي عن أم الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالمرسلات، وكان بجنبه، عن حميد، عن أنس فدخل له حديث فِي حديث، والصحيح: حميد، عن أنس ". (علل الحديث لابن ابي حاتم 1/ 84)

وقال ابوحاتم:" في حديثه اضطراب " (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/ 141)

وحكم عليه ابن حجر في التقريب بأنه "صدوق له اوهام" رغم انه ثقة زاهد.

ملاحظة:

ولهذا لم يخرج له البخاري في صحيحه رغم انه يكثر عنه في غيره.

فحديثه مقبول مالم ينفرد, والا توقف فيه, وهذا من تفرداته.

ب_ الشك في سماع ابي اسحاق السبيعي من ابي صالح, لأنه لم يرد ما يدل على ذلك من تصريح بالسماع. فابو إسحاق ذُكر له عن ابي صالح حديثان فقط كما مر عن البزار (مسنده: 10/ 166) رُويتا عنعنتا وهما: حديثنا "الإمام ضامن ..... ".

وحديث آخر ..... عن جعفر بن برقان عن غير واحد، ابن بشر وغيره عن أبي إسحاق الهمداني عن أبى صالح عن أبي هريرة يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا إله إلا الله له الملك وله الحمد لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة الا بالله ....... " (سنن النسائي الكبرى: 6/ 9 , رقم: 9857)

قال الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد: 1/ 191): " هذا حديث غريب جدا من رواية أبي إسحاق عن أبي صالح السمان, ومن رواية محمد بن سيرين عن أبي إسحاق لم اكتبه الا من هذا الوجه"اهـ

توضيح:

لأن هذا الحديث الأخير رواه حمزة الزيات وشعبة وإسرائيل, عن أبي إسحاق الهمداني عن الأغر عن أبي هريرة.

وهؤلاء الثلاثة ثقات اثبات خاصة عن ابي اسحاق, يفضّلون على ابن بشر وغيره, خاصة شعبة فهو خبير حديث ابي اسحاق, يميز بين ما دلسه وما سمعه.

ومنه تظهر رواية ابي اسحاق عن ابي صالح لهذا الحديث الأول خطأ, وانما هي عن ابي اسحاق عن الأغر.

فيبقى حديث واحد صح من رواية ابي اسحاق عن ابي صالح, مع افتراض عدم خطأ موسى بن داود, وهو حديثنا " الإمام ضامن ....... "

تدليس ابي اسحاق عن الأعمش:

وهذه الرواية وردت عن ابي اسحاق عن ابي صالح عنعنتا, اذا فلما لايكون هذا الحديث رواه ابو اسحاق عن صاحبه الأعمش ودلسه, او عن الرجل المجهول الذي دلسه الأعمش. وخاصة ان ابا اسحاق أخذ عدة احاديث عن الأعمش وثبت التدليس في احدها وهو: ما رواه عبدالله بن احمد في المسند:

حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة قال أبو إسحاق أخبرني عن عبد الرحمن بن يزيد قال قلنا لحذيفة أخبرنا برجل قريب السمت والهدى برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ عنه قال ما أعلم أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يواريه جدار بيته من بن أم عبد ولم نسمع هذا من عبد الرحمن بن يزيد لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن بن أم عبد من أقربهم إلى الله عز وجل وسيلة"

وعلق الشيخ شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين" (مسند أحمد: حديث 23398)

تعليق:

تدليس ذكي من ابي اسحاق للأعمش, ولكن شعبة تلميذ ابي اسحاق وخبيره بين موضع تدليس ابي اسحاق:

فقال البزار: حدثنا محمد بن المثنى قال حَدَّثَنَا محمد بن جعفر قال حَدَّثَنَا شعبة عن أبي إسحاق عن سليمان يعني الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن بن أم عبد أقربهم إلى الله وسيلة. (مسند البزار: 1817). وكذلك عند احمد في فضائل الصحابة (1498)

ولهذا اورد احمد هذا الحديث في كتابه العلل (العلل4713).اشارة منه الى هذه العلة الخفية.

فابو اسحاق دلس الأعمش في هذا الحديث, وكذلك يفعل الأعمش يسمع احاديث من ابي اسحاق ثم يرويها بإسقاطه, فافسدا عدة احاديث بذلك, وصدق مغيرة: "ما أفسد أحد حديث الكوفة إلا أبو إسحاق, وسليمان الاعمش" (العلل لاحمد: 1/ 55، 147).

نتيجة:

هذا الحديث لا يصلح للمتابعة لأنه قد يعود الى الأعمش او الرجل المجهول الذى روى عنه الأعمش, وذلك لأن:

_ موسى بن داود قد يكون اخطأ فنسب الحديث لأبي اسحاق بدل الأعمش كما اضطرب في احاديث اخرى.

_ ابواسحاق السبيعي جليس الأعمش, فقد يكون ابواسحاق سمعه من الشيخ الذي دلسه الأعمش, او سمعه من الأعمش نفسه ودلسه.

ولا داعي ان نذكر بان الحديث يصح بالمتابعة اذا جاءك من هاهنا وهاهنا – اي اختلاف البلدان- ولو ضعفت طرقه فاذا كان مصدره واحد هو الكوفة بل من نفس المسجد او من المجلس فلا يعتد بها لإحتمال اخذ بعضهم عن بعض.

عش مع الرواة كأنك معهم في ترحالهم واقامتهم, وتصور احوالهم وتصرفاتهم اذا اردت فهم دقائق العلل, وإلا فلا تشم رائحتها, والا كفاك المتقدمون العناء ...

يتبع: مناقشة طريق محمد بن جحادة عن أبي صالح عن أبي هريرة .......

ان شاء الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير