1_ ارتكاز التعليل على هذين الراويين صحيح, لأن زهير بن معاوية لا يمكن ان يأتى الخطأ من قبله فهو متقن لأنه متثبت في ما يأخذ مع ثقته. ولو ان في حديثه عن ابي اسحاق موقف.
" قال معاذ بن معاذ: والله ما كان سفيان - اي الثوري- بأثبت من زهير, وقال شعيب بن حرب: كان زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة, وقال بشر بن عمر الزهراني عن ابن عيينة عليك بزهير بن معاوية فما بالكوفة مثله, وقال الميموني عن أحمد كان من معادن الصدق, وقال صالح بن أحمد عن أبيه زهير فيما روى عن المشائخ ثبت بخ بخ ....... ". (تهذيب التهذيب 3/ 303).
2_ لو اخرج الدارقطني طريق زهير عن الأعمش عن ابي صالح المخالفة لموسى, ورأينا رجالها, لقطعنا بخطأ موسى هذا.
3_ زهيرا اخذ عن ابي اسحاق السبيعي بعد اختلاطه:
قال ابن حجر ناقلا لكلام الأئمة المتقدمين: " قال صالح بن أحمد عن أبيه: زهير فيما روى عن المشائخ ثبت بخ بخ وفي حديثه عن أبي إسحاق لين سمع منه بآخره ..... وقال أبو زرعة: ثقة - اي زهير - إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط, وقال أبو حاتم: زهير أحب إلينا من اسرائيل في كل شئ إلا في حديث أبي إسحاق .... " (تهذيب التهذيب 3/ 303).
ملاحظة:
لم يعل ابوداود والبزار ومن تبعهما هذا الحديث بإختلاط السبيعي, وإنما اعلوه بعدم سماعه منه اي بتدليسه.
وهنا ملاحظة اخرى جديرة بالذكر: وهي الأخذ عن المختلط ليست مردودة دائما, وانما يكون ذلك حسب درجة تغير الشيخ, و حسب اتقان وتثبت من اخذ عنه, ولهذا قبلت رواية سفيان بن عيينة , وزهير بن معاوية, عن ابي اسحاق رغم انهما اخذا عنه بعد اختلاطه لأنهما يمحصان ما ياخذان عنه. وقد اخرج البخاري ومسلم لسفيان عن ابي اسحاق.
الدليل على رأي المتقدمين في التوقف في تصحيح رواية ابي اسحاق عن ابي صالح:
الشك في رجوع رواية السبيعي الى طريق الأعمش يكون من جهتين كما قلنا هما:
أ_ خطأ موسى بن داود: فبدل ان يروي الحديث عن زهير عن الأعمش, رواه عن زهير عن ابي اسحاق, وخاصة ان موسى اضطرب في أسانيد اخرى بحيث ادخل اسناد في آخر او على متن آخر مثل:
ما قاله ابن ابي حاتم: "وسألت أبي، وأبا زرعة، عن حدِيث رواه موسى بن داود، عن الماجشون، عن حميد، عن أنس، عن أم الفضل، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في ثوب واحد. فقالا: هذا خطأ.
قال أبو زرعة: انما هو على ما رواه الثوري، ومعتمر، عن حميد، عن أنس، عن النّبي صلى الله عليه وسلم، أنه صلى في ثوب واحد, فقد دخل لموسى حدِيث فِي حدِيث, يُحتمل أن يكون عنده حديث عبدالعزيز، قال: ذكر لي عن أم الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالمرسلات، وكان بجنبه، عن حميد، عن أنس فدخل له حديث فِي حديث، والصحيح: حميد، عن أنس ". (علل الحديث لابن ابي حاتم 1/ 84)
وقال ابوحاتم:" في حديثه اضطراب " (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/ 141)
وحكم عليه ابن حجر في التقريب بأنه "صدوق له اوهام" رغم انه ثقة زاهد.
ملاحظة:
ولهذا لم يخرج له البخاري في صحيحه رغم انه يكثر عنه في غيره.
فحديثه مقبول مالم ينفرد, والا توقف فيه, وهذا من تفرداته.
ب_ الشك في سماع ابي اسحاق السبيعي من ابي صالح, لأنه لم يرد ما يدل على ذلك من تصريح بالسماع. فابو إسحاق ذُكر له عن ابي صالح حديثان فقط كما مر عن البزار (مسنده: 10/ 166) رُويتا عنعنتا وهما: حديثنا "الإمام ضامن ..... ".
وحديث آخر ..... عن جعفر بن برقان عن غير واحد، ابن بشر وغيره عن أبي إسحاق الهمداني عن أبى صالح عن أبي هريرة يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا إله إلا الله له الملك وله الحمد لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة الا بالله ....... " (سنن النسائي الكبرى: 6/ 9 , رقم: 9857)
قال الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد: 1/ 191): " هذا حديث غريب جدا من رواية أبي إسحاق عن أبي صالح السمان, ومن رواية محمد بن سيرين عن أبي إسحاق لم اكتبه الا من هذا الوجه"اهـ
توضيح:
لأن هذا الحديث الأخير رواه حمزة الزيات وشعبة وإسرائيل, عن أبي إسحاق الهمداني عن الأغر عن أبي هريرة.
وهؤلاء الثلاثة ثقات اثبات خاصة عن ابي اسحاق, يفضّلون على ابن بشر وغيره, خاصة شعبة فهو خبير حديث ابي اسحاق, يميز بين ما دلسه وما سمعه.
¥