تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا؛ وقد جعل عبد الرحيم بن سليمان والفضل بن موسى - وكأنه لم يضبط هذا جيدًا فإنه قد أخطأ في إسقاطه الأسود - وإسحاق الأزرق وإسماعيل بن أبان - ولا يُعتد برواية الأخير - = جعلوا شيخَ أبا إسحاق في هذه الرواية: عبدَ الرحمن بن يزيد، مكان عبد الرحمن بن الأسود، ولعل رواية يحيى بن زكريا مقدمة على رواياتهم عن أبيه زكريا بن أبي زائدة، فإنه ثقة ثبت حافظ، وله درجة كبرى في التثبت والضبط، أعلى من جميع هؤلاء، وقد روى عن أبيه، وابن الرجل أعلم الناس بأبيه، ثم إن هذا ما رواه زهير بن معاوية وشريك ويوسف بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق، فقالوا: عبد الرحمن بن الأسود، وهذا دليل على خطإ جعله ابن يزيد. وربما كان قول هؤلاء الرواة: عبد الرحمن بن يزيد من نسبة عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد إلى جده، لكن كأن في هذا بُعدًا، والله أعلم.

فالراجح إذن عن زكريا بن أبي زائدة متابعته لزهير عن أبي إسحاق على الوجه الذي أخرج البخاري الحديث عليه.

د- علي بن صالح، رواه عن أبي إسحاق عن الأسود بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود، وفي الإسناد إلى علي بن صالح: وصيف بن عبد الله، وصفه الدارقطني بالحافظ، ولم أجد فيه كلامًا للأئمة، وشيخه أحمد بن الفرج أبو عتبة الحمصي، وثقه بعض العلماء، وحسن أمره بعضهم، وضعّفه بلديُّهُ محمد بن عوف - بل كذبه -، وضعفه ابن جوصا الدمشقي (تهذيب التهذيب: 1/ 59)، وشيخه في هذا الإسناد سلمة بن عبد الملك العوصي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: «ربما أخطأ» (الثقات: 8/ 286).

وهذا الإسناد لا يرقى إلى مقابلة أسانيد زهير وزكريا بن أبي زائدة مع وجود المخالفة فيه، فلعل فيه خطأً من بعض الرواة، خصوصًا مع هذا التفرد في الطبقات المتأخرة، والغالب على تفرد الطبقات المتأخرة الخطأ.

هـ- مالك بن مغول ويوسف بن أبي إسحاق، وعنهما أبو جنادة، ولم أتبينه، إلا إن كان حصين بن مخارق الذي اتهمه الدارقطني بالوضع، وحتى لو لم يكن هو ذلك الكذاب، فإنه قد اضطرب في هذا الحديث، فجاء عنه عن مالك ويوسف عن أبي إسحاق بهذا الإسناد، وعنه عن محمد بن خالد الضبي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، ولا يُقبل تعدد الأسانيد من مثل هذا، خاصةً أنه قرن هنا بين مالك بن مغول ويوسف بن أبي إسحاق، وهما ثقتان حافظان، وقد خَطَّأ الأئمة بعض الثقات الكبار إذا قرنوا الرواة في الأسانيد، فكيف بأبي جنادة هذا، وكيف وقد تفرد عن هذين الثقتين الحافظين بهذا الإسناد؟!

إلا أن البخاري قد علق الحديث عن إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه يوسف عن أبي إسحاق به كرواية زهير - ولم أجد هذه الرواية موصولة، ولم يصلها ابن حجر في التغليق -، وإبراهيم فيه لين، ويكتب حديثه في المتابعات (انظر: تهذيب التهذيب: 1/ 160)، وليست في هذه الرواية مخالفة بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود، والله أعلم.

و- حديج بن معاوية، والراوي عنه يحيى الحماني، ويحيى فيه كلام كثير، وقبل بعض العلماء روايته عن شريك خاصة، لاختصاصه به، ففي روايته عن غيره نظر مع تضعيف الأكثر له. وحتى لو صح هذا الوجه عن حديج، فحديج فيه كلام، وأخوه زهير أقوى منه، بل كان زهير لا يرضى حديجًا - كما نقل أبو داود السجستاني (سؤالات أبي عبيد الآجري: 1/ 180)، وهذا من لطائف هذا العلم -، وعليه؛ فروايته المخالِفةُ هذه (بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود) لا تصح.

ز- أبو مريم، وهذه الرواية علّقها الدارقطني في علله وتتبعه، ولم أجدها مسندةً، وحتى لو صحت، فأبو مريم عبد الغفار بن القاسم رافضي متروك متهم بالوضع (لسان الميزان: 4/ 42).

فظهر من كل هذا أن الصحيح عن أبي إسحاق من هذا الوجه: روايةُ زهير بن معاوية وشريك وزكريا بن أبي زائدة عنه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود.

4 - ظهر من التخريج أنه قد تابع أبا إسحاق على هذا الوجه:

أ- ليث بن أبي سليم، ورواه عنه جماعة ثقات، إلا أبا الأشهب جعفر بن الحارث، ففيه كلام.

وفي الرواة عن ليث: زائدة، واختُلف عنه:

فرواه عبد الله بن عمر عن الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن ليث عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن مسعود،

ورواه شعيب بن أيوب عن الحسين عن زائدة عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود،

ورواه يحيى بن أبي بكير ومعاوية بن عمرو عن زائدة عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود به،

والراجح من الوجهين الأولين: الثاني منهما، لأن رواية شعيب عن الحسين جاءت موافقة لما رواه أصحاب زائدة الثقات عن زائدة، فدل على أنها أصح.

وفي الرواة عن ليث كذلك: زهير، وعنه أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، وقد خالف أبو غسان في ذلك اثنا عشر راويًا فيهم أئمة كبار رووه عن زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود، فهذه الرواية خطأ، إضافةً إلى ما فيها من زيادة راوٍ، إذ قد قال في هذه الرواية: عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.

ب- فرات بن أبي عبد الرحمن، وروايته فيها حفيده زياد بن الحسن بن فرات، قال فيه أبو حاتم: «منكر الحديث»، وقال الدارقطني: «لا بأس به، ولا يحتج به» (الجرح والتعديل: 3/ 529، تهذيب التهذيب: 3/ 313)، ولعل الدارقطني يعني أنه عدلٌ ولا يحتج به في الرواية لحال ضبطه، فهذه الرواية ضعيفة، خاصةً مع مخالفتها لبقية الروايات التي جعلت شيخ عبد الرحمن بن الأسود أباه لا علقمة - كما جاء في هذه الرواية الضعيفة -.

ج- محمد بن خالد الضبي: وعنه أبو جنادة، وسبق قريبًا بيان اضطرابه وضعف روايته، فلا تصح الرواية عن محمد بن خالد.

د- جابر الجعفي: وهو الضعيف مشهور الضعف، الرافضي المتروك، لا يُفرح بمتابعته، بل لم تصح عنه، ففي إسنادها محمد بن حميد الرازي، ضعفه أكثر الأئمة.

ومن ذلك نخلص أن الصحيح في هذا الوجه رواية زهير بن معاوية وشريك بن عبد الله وزكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، ورواية ليث بن أبي سليم، كلاهما - أبو إسحاق وليث - عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

يتبع - إن شاء الله - ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير