وجزم ابن الصباغ في العدة بأنه مرسل وحكى فيما إذا قال ذلك سعيد بن المسيب هل يكون حجة وجهين
فرع
إذا صرح الصحابي بالأمر كقوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا فلا خلاف وما حكاه صاحب العدة عن داود وبعض المتكلمين أنه لا يكون ذلك حجة حتى ينقل لنا لفظه غريب مردود
) انتهى.
وفي المنهل الروي
قول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو أمر بلال بكذا أو من السنة كذا مرفوع عند أهل الحديث وأكثر أهل العلم لظهور أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الآمر وأنها سنته وقال الإسماعيلي وقوم ليس بمرفوع والأول الصحيح سواء أقال الصحابي ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أم بعده
وقال الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح ج: 1 ص: 428
قوله وهكذا قول الصحابي من السنة كذا فالأصح أنه مسند مرفوع مقابل الأصح خلاف الكرخي
والصيرفي وحكاه إمام الحرمين في البرهان عن المحققين قالوا يحتمل أن يريد سنة غير الرسول فلا تحمل على سنته وجزم به ابن حزم في كتاب الإحكام فقال قول الصحابي من السنة كذا أو أمرنا بكذا ليس بمسند ولا يقطع بأنه قوله عليه الصلاة والسلام وإنما يعني به السنة عنده على ما أداه إليه اجتهاده واحتج بما في البخاري عن ابن عمر أنه قال أليس حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شيء حتى يحج قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا قال أبو محمد ولا خلاف بين أحد من الأمة كلها أنه عليه الصلاة والسلام إذ صد عن البيت لم يطف به ولا بالصفا والمروة بل أحل حيث كان بالحديبية وهذا الذي ذكره ابن عمر لم يقع منه قط وقد روي عن ابن عباس أنه قرأ بأم القرآن على الجنازة في الصلاة وجهر وقال إنها سنة وعن أنس أنه أفطر في منزله في رمضان قبل أن يخرج إلى السفر وقال إنها سنة
وقال السيوطي في تدريب الراوي
قول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو من السنة كذا أو أمر بلال أن يشفع الاذان وما أشبهه كله مرفوع على الصحيح الذي قاله الجمهور
وقيل ليس بمرفوع
الثاني قول الصحابي أمرنا بكذا
كقول أم عطية أمرنا أن لا نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين أخرجه الشيخان
أو نهينا عن كذا كقوله أيضا نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا أخرجاه أيضا
أو من السنة كذا كقول علي من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة رواه أبو داود في رواية ابن داسة وابن الأعرابي
أو أمر بلال أن يشفع الأذان ويؤثر الإقامة أخرجاه عن أنس وما أشبهه كله مرفوع على الصحيح الذي قاله الجمهور
قال ابن الصلاح لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي ومن يجب اتباع سنته وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غيره لأن مقصود الصحابي بيان الشرع لا اللغة ولا العادة
والشرع يتلقى من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ولا يصح أن يريد أمر الكتاب لكون ما في الكتاب مشهورا يعرفه الناس ولا الإجماع لأن المتكلم بهذا من أهل الإجماع ويستحيل أمره نفسه ولا القياس إذ لا أمر فيه فتعين كون المراد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
وقيل ليس بمرفوع لاحتمال أن يكون الآمر غيره كأمر القرآن أو الإجماع أو بعض الخلفاء أو الاستنباط وأن يريد سنة غيره
وأجيب ببعد ذلك مع أن الأصل الأول
وقد روى البخاري في صحيحه في حديث ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصته مع الحجاج حين قال له إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة قال ابن شهاب فقلت لسالم أفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وهل يعنون بذلك إلا سنته
فنقل سالم وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة وأحد الحفاظ من التابعين عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بذلك إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم
وأما قول بعضهم إن كان مرفوعا فلم لا يقولون فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجوابه أنهم تركوا الجزم بذلك تورعا واحتياطا ومن هذا قول أبي قلابة عن أنس من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا أخرجاه
قال ابو قلابة لو شئت لقلت إن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي لو قلت لم أكذب لأن قوله من السنة هذا معناه لكن إيراده بالصيغة التي ذكرها الصحابي أولى
وخصص بعضهم الخلاف بغير الصديق أما هو فإن قال ذلك فمرفوع بلا خلاف قلت ويؤيد الوقف في غيره ما أخرجه ابن ابي شيبة في المصنف عن حنظلة السدوسي قال سمعت انس بن مالك يقول كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين ثم يضرب به فقلت لأنس في زمان من كان هذا قال في زمان عمر ابن الخطاب
فإن صرح الصحابي بالآمر كقوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا خلاف فيه إلا ما حكى عن داود وبعض المتكلمين أنه لا يكون حجة حتى ينقل لفظه وهذا ضعيف بل باطل لأن الصحابي عدل عارف باللسان فلا يطلق ذلك إلا بعد التحقيق
قال البلقيني وحكم قوله من السنة
قول ابن عباس في متعة الحج سنة ابي القاسم
وقول عمرو بن العاص في عدة أم الولد لا تلبسوا علينا سنة نبينا رواه أبو داود
وقول عمر في المسح أصبت السنة صححه الدارقطني في سننه قال وبعضها اقرب من بعض واقربها للرفع سنة أبي القاسم
ولا فرق بين قوله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعده ويليها سنة نبينا ويلي ذلك أصبت السنة ولا فرق بين قوله أي الصحابي ما تقدم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعده
¥