أ- فرات بن محبوب - وهو ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 13)، وقال الدارقطني: «وكان كوفيًّا لا بأس به» (العلل: 1/ 184) -، ولم يسمِّ ابن بريدة في روايته هذه،
ب- وأبو النضر هاشم بن القاسم، واختُلف عنه في تسمية ابن بريدة:
- فرواه عنه العباس بن عبد العظيم وأبو بكر بن أبي العوام الرياحي وسميا ابن ابريدة: سليمانَ بن بريدة،
- ورواه عنه أحمد بن حنبل وابنه أبو بكر بن أبي النضر وحجاج بن يوسف الشاعر ولم يسموا ابن بريدة، أبهموه.
وتسمية ابن بريدة في هذا الإسناد لها أهمية، فإنه لو ثبت أن ابن بريدة في الإسناد هو سليمان، ثم ثبتت رواية سفيان عن علقمة بن مرثد = اتصل الحديث وصار صحيحًا، بخلاف ما لو كانت رواية عبد الله بن بريدة هي الراجحة، فإنه قد تُكُلِّم في روايته عن عائشة - كما سيأتي إن شاء الله -.
والناظر إلى الاختلاف عن أبي النضر يرى أن الأكثر والأوثق والأخصَّ بأبي النضر يروونه عنه بلا تسمية لابن بريدة، فهم ثلاثة أمام اثنين، وفيهم إمام الحفاظ أحمد بن حنبل، وفيهم ابن أبي النضر أبو بكر، وهو من الثقات، ومعلوم ما للابن في أبيه من اختصاص، ثم إن المتابع لأبي النضر (فرات بن محبوب) لم يسمِّ ابن بريدة أيضًا، وهذا يقوِّي وجه عدم تسمية ابن بريدة عن أبي النضر.
فالرواية في هذا بعدم تسمية ابن بريدة أرجح.
ثم نعود إلى الاختلاف عن الثوري:
- فإن رواية الأكثر - وهم خمسة اتفقوا - بجعله عن الثوري عن الجريري عن ابن بريدة عن عائشة،
- ورواية الأشجعي وحده بجعله عن الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن عائشة،
وللأشجعي اختصاص بالثوري، وهو من المقدمين فيه إذا حدث من كتابه (تهذيب التهذيب: 7/ 31)، إلا أنه قد خالف هنا خمسة كلهم ثقات، واتفاقهم يوجب تقديم روايتهم على رواية الأشجعي، فلعل الأشجعي روى هذا الحديث عن الثوري من حفظه، فأخطأ فيه، فإن تثبته عن الثوري أخصُّ في روايته من كتابه، لأنه كان يكتب في مجلس الثوري. ولذا قال الدارقطني في العلل: «فأما الجريري فرواه عنه الثوري، واختلف عنه:
- فقال إسحاق الأزرق عن الثوري، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة،
- وخالفه الأشجعي، فرواه عن الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن عائشة،
وقول الأزرق أصح» ا. هـ.
فرجع الحديث إلى الجريري عن ابن بريدة.
4 - ثم إن الرواة جميعًا عن الجريري يسمون ابن بريدة: عبدَ الله بن بريدة، إلا أن الثوري اختُلف عنه، فسماه عنه النعمان بن عبد السلام وإسحاق الأزرق: عبدَ الله، ولم يُسمِّه العنقزي ومخلد بن يزيد وعلي بن قادم، والنعمان من الثقات المقدمين في الثوري - كما سبق -، ووافقه في ذلك إسحاق الأزرق، ووافقا متابعي الثوري عن الجريري، ومتابعي الجريري عن ابن بريدة، فاحتمال تسمية الثوري لابن بريدة (عبدَ الله) = قوي.
- دراسة أسانيد رواية محمد بن سليم أبي هلال الراسبي عن ابن بريدة عن عائشة:
أبو هلال فيه ضعف (تهذيب التهذيب: 9/ 173)، إلا أن متابعة كهمس بن الحسن والجريري له عن ابن بريدة تجعل لروايته عنه أصلاً، لكنه مخطئٌ في جعل رواية ابن بريدة مرسلةً عن عائشة، لمخالفته كهمسًا والجريري عن ابن بريدة، فإنه لم يثبت عنهما إرسال رواية ابن بريدة عن عائشة.
- دراسة أسانيد رواية واصل أو أبي واصل عن عائشة:
لم أعرفه، والراوي عنه الوليد بن عمرو بن ساج، ضعيف (الكامل: 7/ 74)، فلا يصح هذا الوجه.
يتبع ..
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[15 - 10 - 06, 07:06 ص]ـ
الخلاصة في الأوجه المرفوعة عن عائشة:
خلص من هذا أن كهمس بن الحسن وأبا مسعود الجريري وأبا هلال الراسبي رووه عن عبد الله بن بريدة عن عائشة - رضي الله عنها -.
ويبقى النظر في صحة هذا الإسناد،
فإن الدارقطني - رحمه الله - قد أسند في سننه (3/ 233) حديثًا بثلاثة أسانيد من طريق عبد الله بن بريدة عن عائشة، ثم قال: «هذه كلها مراسيل، ابن بريدة لم يسمع من عائشة شيئًا»، وقال البيهقي في سننه (7/ 118) بعد أن أسند ذلك الحديث: «وهذا مرسل، ابن بريدة لم يسمع من عائشة - رضي الله عنها -»، والبيهقي إنما استفاد هذا من الدارقطني، فإنه قد قال في معرفة السنن والآثار (5/ 245): «ابن بريدة لم يسمع من عائشة، قاله الدارقطني فيما أخبرني أبو عبد الرحمن وغيره عنه».
ومما يؤيد هذا النفي:
¥