تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[27 - 03 - 02, 07:21 م]ـ

مثال آخر:

روى الترمذي (1728) ثنا قتيبة ثنا سفيان بن عيينة وعبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس رفعه: (أيما إهاب دبغ فقد طهر).

قلت: اختلف الرواة عن زيد بن أسلم في لفظ هذا الحديث فبعضهم رواه بلفظ (أيما …) كما هي رواية ابن عيينة، ورواه آخرون بلفظ (إذا دبغ الإهاب …) كما تقدم كما هي رواية مالك وغيره وفي رواية قتيبة السابقة يبدو أنه عطف رواية ابن عيينة لأنه جاء من طريق آخر عن الدراوردي بلفظ (إذا دبغ .. ) فقد رواه الدارقطني 1/ 46 في سننه من طريق ابن أبي مذعور عن الدراوردي به.

والأمثلة على هذا النوع من أنواع التدليس تكثر لمن أراد أن يتتبعها، فهذا النوع من أنواع التدليس مهم جداً، ويخفى على الكثير كما قال عبد الحق (وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا)، وعندي أن هذا النوع أخطر وأكثر خفاء من تدليس التسوية لأمرين:

1 - لكثرة وقوعه بخلاف التسوية، فإنه نادر.

2 - لأنه أكثر خفاء من التسوية كما تقدم.

والله تعالى أعلم.

وقليل من نبه على هذا النوع من أنواع التدليس، وقد نبه عليه أيضاً الخطيب فقال في (الكفاية) ص 377:

(باب في المحدث يروي حديثاً عن الرجلين أحدهما مجروح هل يجوز للطالب أن يسقط اسم المجروح – وذكر مثالاً – ثم قال: ولا يستحب للطالب أن يسقط المجروح ويجعل الحديث عن الثقة وحده خوفاً من أن يكون في حديث المجروح ما ليس في حديث الثقة وربما كان الراوي قد أدخل أحد اللفظين أو حمله عليه وقد سئل أحمد بن حنبل عن مثل هذا في الحديث يروى عن ثابت البناني وأبان بن أبي عياش عن أنس فقال فيه نحوا مما ذكرنا) اهـ.

وبسبب ذلك تكلم الحافظ في جمع من الرواة كانوا إذا حدثوا أحياناً يجمعون أكثر من واحد من شيوخهم في الحديث الواحد أو المسألة الواحدة ولا يفرقون بين رواية أحدهم عن الآخر وقد يكون بينهما اختلاف.

قال المروذي: سألت أحمد عن (محمد بن إسحاق)، فقال: هو حسن الحديث ولكنه إذا جمع بين الرجلين، قلت: كيف؟ قال: يحدثِّ عن الزهري فَيَحْمِلُ حديث هذا على هذا .. اهـ من (العلل) رواية المروذي ص 61.

* وقال ابن سعد في (الطبقات) 6/ 349:

(إن ليثا (18) كان سأل عطاء وطاووس ومجاهداً عن الشيء فيختلفون فيه، فيحكي عنهم في ذلك الاتفاق من غير تعمد له) اهـ.

* وقال أبو يعلى الخليلي في (الإرشاد) 1/ 417:

(ذاكرت يوما بعض الحفاظ فقلت: البخاري لم يخرّج حماد بن سلمة في الصحيح وهو زاهد ثقة. فقال: لأنه جمع بين جماعة من أصحاب أنس، فيقول: حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب، وربما يخالف في بعض ذلك. فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو يجمع بين أسانيد، فيقول ثنا مالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد والأوزاعي بأحاديث ويجمع بين جماعة وغيرهم؟ فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ له) اهـ.

قال ابن رجب – تعليقاً على ما تقدم-:

(ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة وساق الحديث سياقة واحدة فالظاهر أن لفظهم لم يتفق فلم يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم كما كان الزهري يجمع بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره) اهـ من (شرح العلل) ص 463.

وقد أطال ابن رجب في (شرح العلل) الكلام على هذه المسألة وذكر الأمثلة الكثيرة على ذلك.

وأما تدليس القطع

فلا أعرف أن أحداً وصف به سوى (عمر بن علي المقدمي) وتقدم الكلام على هذا، ويظهر أن فعله لهذا نادر كما بيّن المؤلف وفقه الله تعالى.

وأما تدليس الصيغ

فالمقصود به: عندما يستعمل بعض الرواة صيغة التحديث أو الإخبار في الإجازة موهماً للسماع ونحو ذلك من تدليس صيغة التحمل.

* قال أبو الفضل بن حجر في (طبقات المدلسين) ص 62:

(ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدثين من التعبير بالتحديث أو الإخبار عن الإجازة موهماً للسماع ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئاً) اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير