4 - جاء هذا الخبر عن جندب بن سفيان رضي الله عنه في غير الكتب الستة وهذا وهم من عبيدالله بن عمرو كما نص عليه الدارقطني في علله كما سبق وأبو حاتم كما في علل الحديث لابنه (1/ 563).
5 - وقع في رواية النسائي أن حميد بن عبدالرحمن هو ابن عوف الزهري وهذا وهم كما قاله الحافظ في النكت الظراف حيث قال: " وقد رواه غير ابن السني فلم يقل ابن عوف ونسبه مسلم في رواية الحميري " اهـ
ثانياً: ما انفرد به أهل السنن:
1 - حديث عبدالرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه: سأله رجل فقال: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ قال له: ما سمعت أحداً يسأل عن هذا إلا رجلا سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد فقال: يا رسول الله، أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ قال: (إن كنت صائما بعد شهر رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله فيه يوم تاب فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين)
أخرجه الترمذي في جامعه (كتاب الصوم – باب ما جاء في صوم المحرم ح 741 وقال حسن غريب) من حديث علي بن حجر عن علي بن مسهر به.
وهو من الأحاديث التي تفرد بها أبو عيسى الترمذي عن الخمسة (البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه) والخبر ضعيف، في إسناده عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف كما في التقريب.
2 - حديث يزيد بن عبدالله بن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم أن أسامة بن زيد كان يصوم أشهر الحرم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صم شوالاً " فترك أشهر الحرم ثم لم يزل يصوم شوالاً حتى مات.
أخرجه ابن ماجه في سننه (كتاب الصيام – باب صيام أشهر الحرم ح 1744) من حديث محمد بن الصبّاح عن عبدالعزيز الدراوردي به.
ووَجهُ ذكر الخبر هنا أن أسامة رضي الله عنه كان يصوم أشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب؛ ومحرم أحد الشهور الحرم فلذا أوردته هنا.
وهذا الخبر مما تفرد به ابن ماجه عن الخمسة؛ ونادراً ما ينفرد ابن ماجه بحديث صحيح. وهذا الخبر ضعيف منقطع فلم يسمع محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي من أسامة ذكره في تهذيب التهذيب ونص عليه البوصيري في الزوائد.
3 - حديث الجُرَيري عن أبي السّليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حالته وهيئته فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: " ومن أنت؟ " قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول، قال: " فما غيّرك وقد كنت حسن الهيئة؟ " قال: ما أكلت طعاما إلا بليل منذ فارقتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم عذبت نفسك؟ " ثم قال: " صم شهر الصبر ويوما من كل شهر " قال: زدني فإن بي قوة قال: " صم يومين " قال: زدني قال: " صم ثلاثة أيام " قال: زدني قال: " صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك " قال بأصابعها الثلاثة وضمها. أخرجه أبو داود (كتاب الصوم – باب في صوم أشهر الحرم ح 2428) من حديث موسى بن إسماعيل عن حمّاد به، وابن ماجه (كتاب الصيام – باب صيام أشهر الحرم ح 1741) من حديث أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان به إلا أنه قال: عن أبي مجيبة الباهلية عن أبيه أو عن عمه.
وهذا الخبر من الأحاديث التي انفرد بها أبو داود عن الشيخين؛ وقد جمع هذه الأحاديث الشيخ عبدالعزيز الطريفي في مجلدين.
وهذا الخبر ضعيف ففيه جهالة مجيبة الباهلية فقيل رجل وقيل امرأة من الصحابة وقيل أبو مجيبة الباهلية. وأعل الخبر بالاضطراب. وقد روي الخبر في المسند والطبراني من حديث كهمس الهلالي من غير ذكر صوم الحرم.
نكتة: الأحاديث الواردة في تسمية رمضان شهر الصبر ومنها هذا الخبر أسانيدها ضعيفة، والمعنى صحيح.
ثانياً: فقه الأحاديث رواية:
هذه بعض الفوائد المتعلقة بفوائد الباب من الأحاديث والتي أصحها حديث أبي هريرة رضي الله عنه المخرج في الصحيح وهي:
1 - فيه دليل على أفضلية التطوع بصيام شهر الله المحرم؛ وقد أورد الخبر في كتاب الصوم جملة من أهل العلم منهم الإمام مسلم كدليل على الفضل. وقد نصّ النووي أن أفضل الشهور للصوم بعد رمضان محرم.
2 - فيه دليل على أفضلية صلاة الليل، وقد أورد الخبر في كتاب الصلاة بعض أهل العلم كدليل على الفضل.
3 - وجه تسمية شهر محرم بشهر الله المحرم ما قاله الحافظ أبو الفضل العراقي فيما نقله عنه السيوطي في شرحه على سنن النسائي (207/ 3): " ما الحكمة في تسمية المحرم شهر الله والشهور كلها لله يحتمل أن يقال لما كان من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال وكان أول شهور السنة أضيف إليه إضافة تخصيص ولم يصح إضافة شهر من الشهور إلى الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا شهر الله المحرم " اهـ
4 - قوله (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) ذكر النووي في شرحه المنهاج (3/ 55) أن أبا إسحاق المروزي – وهو من الشافعية – استدل به على أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة وخالفه في ذلك أكثر الشافعية، وقال النووي: " والأول أقوى وأوفق للحديث " وقد نقل النووي اتفاق العلماء على أن تطوع الليل أفضل من تطوع النهار.
5 - مسألة: إن كان صوم المحرم أفضل الصيام بعد رمضان فكيف يجاب عن إكثار النبي صلى الله عليه وسلم الصيام من شعبان وعدم إكثاره من محرم؟
ذكر النووي في المنهاج (3/ 55) احتمالين: " أحدهما لعله إنما علم فضله في آخر حياته والثاني لعله كان يعرض فيه أعذار من سفر أو مرض أو غيره ". وقد سمعت بعض مشايخنا يقول أن صيام شعبان من قبيل صوم النافلة قبل الفرض فهو أشبه بالرواتب وصيام محرم من قبيل التطوع المطلق.
6 - مسألة: ما هو الأفضل في التطوع بالصوم: صوم شهر محرم أو صوم شعبان؟
فضل صوم شهر الله المحرم ثبت من قوله عليه السلام، وصوم شعبان ثبت من فعله عليه السلام. فهل يقدم قوله أو فعله؟ وهذا من مباحث الأصول؛ والأظهر تقديم قوله على فعله لأن قوله تشريع للأمة وفعله قد يرد عليه ما يرد من الخصوصية ونحو ذلك فصوم شهر الله المحرم أفضل على الصحيح.
رابط المقال:
http://www.saaid.net/mktarat/mohram/34.htm
¥