تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ العلامة المحدث سليمان بن عبدالله آل الشيخ رحمه الله: [وقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُول وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} الآيَاتِ [الْحَجّ:52 - 55]. رَوَى ابنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «نَزَلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ أَقْرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، وَلَكِنَّهُ لا يَذْكُرُ مَنْ خَالَفَ دِيْنَهُ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى بِمِثْلِ الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَنَا مِنَ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَالشَّرِّ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ-- صلى الله عليه وسلم -- قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ مَا نَالَ أَصْحَابَهُ مِنْ أَذَاهُمْ وَتَكْذِيْبِهِمْ، وَأَحْزَنَهُ ضَلالَتُهُمْ، فَكَانَ يَتَمَنَّى هُدَاهُمْ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللهُ سُوْرَةَ النَّجْمِ قَالَ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم:19 - 20] أَلْقَى الشَّيْطَانُ عِنْدَهَا كَلِمَاتٍ حِيْنَ ذَكَرَ الطَّوَاغِيتَ فَقَالَ: [إنَّهُنَّ لَهُنَّ] الغَرَانِيْقُ العُلَى، وإنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ وَفِتْنَتِهِ.

فَوَقَعَتْ هَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ بِمَكَّةَ، وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، وَتَبَاشَرُوا بِهَا، وَقَالُوا: إنَّ مُحَمَّداً قَدْ رَجَعَ إِلَى دِيْنِهِ الأوَّلِ وَدِيْنِ قَوْمِهِ.

فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ-- صلى الله عليه وسلم -- آخِرَ النَّجْمِ؛ سَجَدَ، وَسَجَدَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ مِنْ مُسْلِمٍ وَمُشْرِكٍ، فَفَشَتْ تِلْكَ الكَلِمَةُ فِي النَّاسِ وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُول وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّتِهِ} الآيَاتِ.

فَلَمَّا بَيَّنَ اللهُ قَضَاءَهُ، وبَرَّأهُ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانُ؛ انْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ [بضَلاَلَتِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ] للمُسْلِمِيْنَ، وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِ» (1).

وَهِيَ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ صَحِيْحَةٌ (2) رُويَتْ عَنِ ابن عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ بَعْضُهَا

صَحِيْحٌ (3).

ورُويَتْ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِيْنَ بِأَسَانِيْدَ صَحِيْحَةٍ مِنْهُمْ: عُرْوَةُ (4)، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ (5)، وأبُو العَاليَةِ (6)، وَأبُو بَكْرِ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ (7)، وعِكْرِمَةُ (8)، وَالضَّحَّاكُ (9)، وقَتَادَةُ (10)، وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ (11)، ومُحَمَّدُ بنُ قَيْسٍ (12) وَالسُّدِّيُّ (13) وَغَيْرُهُمْ (14).

وَذَكَرَهَا أيْضاً أَهْلُ السِّيَرِ وَغَيْرُهُمْ، وَأَصْلُهَا فِي «الصَّحِيْحَيْنِ» (15).

الهوامش:

(1) رَوَاهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيْرِهِ-كَمَا فِي تَفْسِيْرِ ابنِ كَثِيْرٍ (3/ 230) - عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ. وَالَّذِي فِي مَغَازِي مُوسَى بنِ عُقْبَةَ-كَمَا فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ (5/ 285 - 286) - أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ مُوسَى نَفْسِهِ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ أَولَى بِالصَّوابِ.

(2) صَحَّحَ قِصَّةَ الغَرَانِيقِ جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ مِنْهُمْ: الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَةِ (10/ 234)، وَالْحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أحَادِيْثِ الكَشَّافِ (4/ 114)، وَالسُّيُوطِيُّ، وَالشَّيْخُ سُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ، وَفَسَّرَهَا-أيِ: الآيَةَ- بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ كَابنِ جَرِيْرٍ (17/ 186)، والنَّحَّاسِ فِي مَعَانِي القُرْآنِ (4/ 426)، وَالبَغَوِيِّ (3/ 293 - 294)، والوَاحِدِيِّ فِي تَفْسِيْرِهِ (2/ 737)، وَأَبُو اللَّيثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ (2/ 465)، وابنِ أَبِي زَمَنِيْنَ (3/ 186)، والسَّمْعَانِيِّ (3/ 448)، وابنِ جُزَيٍّ فِي التَّسْهِيْلِ (3/ 44)، وَشَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى (2/ 282)، وَقَالَ فِي مِنْهَاجِ السُّنَّةِ (2/ 409): «عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ السَّلَفِ والْخَلَفِ»

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير