[بعض الأحاديث الواردة في فضل من يموت في أحد الحرمين]
ـ[الدكتور عبدالله الوهبي]ــــــــ[26 - 02 - 07, 12:50 ص]ـ
فضل من يموت في أحد الحرمين.
روي في الباب عن أنس -رضي الله عنه-:
- أخرجه السهمي في تاريخ جرجان ص434 من طريق أبي عوانة موسى بن يوسف القطان، عن عباد بن موسى الختلي، عن ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد، عن أنس مرفوعا: " من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة ".
- وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور (كما في تاريخ جرجان ص220) - ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان 8/ 95 ح3860، وابن الجوزي في مثير العزم الساكن ص273 ح290 - عن سعيد بن عثمان الجرجاني.
والبيهقي في شعب الإيمان 8/ 95 ح3861 من طريق أيوب بن الحسن.
كلاهما (سعيد، وأيوب) عن ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد، عن أنس بن مالك به، ولفظه في رواية أيوب:" من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة، ومن زارني محتسباً إلى المدينة كان في جواري يوم القيامة " واقتصر في رواية سعيد على آخره.
- وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة 3/ 69 ح1813، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 2/ 18 ح1061 من طريق أبي هشام محمد بن سليمان المخزومي، عن عمه أيوب بن حكيم، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه عند قوام السنة: " من مات بين الحرمين حشره الله يوم القيامة من الآمنين، وكتب شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة ".
واقتصر على أوله في رواية الفاكهي، وزاد فيه: فقيل له: يا أبا حمزة، وإن كان كافراً؟ قال: وإن كان كافراً حتى يقضي الله بين العباد.
وذكره ابن أبي حاتم (871) من طريق: ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيدٍ، عن ربيعة، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من مات في الحرمين ... " ونقل عن أبيه قوله: هذا خطأ، إنما هو: سليمان -أخاف أن يكون - عن الثقة، عن أنس. قال أبو زرعة: حدثنا عباد الختلي، عن ابن أبي فديك، عن سليمان، عن أنس. وأخاف أن يكون أخطأ فيه عمر بن أبي بكر الكندي، ما أعلم لربيعة معنى.
ومحصل الاختلاف في هذا الحديث على ابن أبي فديك ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: عن ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد، عن ربيعة، عن أنس مرفوعاً، وهذه رواية عمر بن علي الكندي.
الوجه الثاني: عن ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد، عن الثقة، عن أنس مرفوعاً.
الوجه الثالث: عن ابن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد، عن أنس مرفوعاً، وهذه رواية عباد الختلي، وسعيد بن عثمان الجرجاني، وأيوب بن الحسن.
وقد اتفق أبو حاتم، وأبو زرعة على أن الوجه الأول خطأ، قال أبو زرعة: أخاف أن يكون أخطأ فيه عمر بن أبي بكر الكندي، ما أعلم لربيعة معنى.
ومعنى قول أبي زرعة: ما أعلم لربيعة معنى: هو استنكار ذكر ربيعة في هذا الإسناد، واستنكار أن يكون هذا الحديث عنه، وإذا كان كذلك فلا معنى لذكره.
وقد جزم أبو زرعة بترجيح الوجه الثالث، وأما أبو حاتم فقال: أخاف أن يكون: عن الثقة، عن أنس.
والذي يظهر أن الوجهين الثاني، والثالث بمعنى واحد، فإن سليمان بن يزيد لم يدرك أنس بن مالك، وإنما روايته عن التابعين وأتباعهم، فسواء قال: عن أنس، أو قال: عن الثقة، عن أنس فهما سواء لعدم تعيين المراد بالثقة، فهو منقطع على كل حال.
ثم إن الحديث ضعيف من جهة أخرى، وهي تفرد سليمان بن يزيد به، وهو ضعيف، فهذان سببان في ضعف هذا الإسناد.
وأما الطريق الثاني عن أنس، وهو طريق أبان بن أبي عياش فهو ساقط لا يلتفت إليه، فقد تفرد به أبان بن أبي عياش، وهو متروك (التقريب 142)، وفي بعض من دونه - أيضاً - ضعف، ولكن يكفي بيان حال أبان عن النظر في بقية الإسناد.
وبهذا يعلم أن هذا الحديث لا يصح عن أنس من طريقيه جميعاً.
ولكن قد روي في هذا المعنى عن غير أنس، وهذا بيانه:
أولاً: حديث عمر بن الخطاب أو غيره - كما سيأتي بيانه - ولفظه: " من زار قبري، أو من زارني كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة ".
¥